الباحث القرآني

﴿فَأنْجَيْناهُ﴾ أيْ: نُوحًا عَلَيْهِ السَّلامُ بِما لَنا مِنَ العَظَمَةِ الَّتِي لا يَغْلِبُها شَيْءٌ ﴿وأصْحابَ السَّفِينَةِ﴾ مِن أوْلادِهِ وأتْباعِهِ، مِنَ الغَرَقِ، وماذا يَبْلُغُ مِقْدارُ أهْلِ سَفِينَةٍ واحِدَةٍ في العُدَّةِ والكَثْرَةِ ﴿وجَعَلْناها﴾ أيْ: الفِعْلَةَ أوِ السَّفِينَةَ أيْ: نَفْسَها وجِنْسَها، بِتِلْكَ العَظَمَةِ ﴿آيَةً﴾ أيْ: عَلامَةً عَلى قُدْرَةِ اللَّهِ وعِلْمِهِ وإنْجائِهِ لِلطّائِعِ وإهْلاكِهِ لِلْعاصِي ﴿لِلْعالَمِينَ﴾ فَإنْ لَمْ يَقَعْ في الدَّهْرِ حادِثَةٌ أعْظَمُ مِنها ولا أغْرَبُ ولا أشْهَرُ في تَطْبِيقِ الماءِ جَمِيعَ الأرْضِ، بِطُولِها والعَرْضِ، وإغْراقِ جَمِيعِ مَن عَلَيْها مِن حَيَوانٍ: إنْسانٍ وغَيْرِ إنْسانٍ، وإنْجاءِ ناسٍ فِيهِمْ بِما هَيَّأ قَبْلَ الفِعْلِ مِن سَبَبِ ذَلِكَ المُسْتَمِرِّ نَفْعُهُ عَلى تَكْرارِ الأحْقابِ وتَعاقُبِ الأزْمانِ، وكَوْنِها آيَةً أمّا لِلْآدَمِيِّينَ الَّذِينَ كانُوا في ذَلِكَ الزَّمانِ فالأمْرُ فِيهِمْ واضِحٌ، وأمّا غَيْرُهم مِنَ الحَيَوانِ فَقَدْ عُرِفُوا لِمَعْرِفَتِهِمْ بِالجُزْئِيّاتِ المُشاهَدَةِ أنَّ ذَلِكَ الماءَ لا يُنَجّى مِنهُ في دارِ الأسْبابِ إلّا هَذِهِ السَّفِينَةُ، فالهِدايَةُ إلى فِعْلِها لِلنَّجاةِ قَبْلَ وُقُوعِ سَبَبِ الهَلاكِ دالَّةٌ عَلى تَمامِ العِلْمِ وشُمُولِ القُدْرَةِ، وأنَّ مَنِ اهْتَدى إلَيْهِ دُونَ أهْلِ ذَلِكَ (p-٤٠٦)العَصْرِ كُلِّهِمْ إنَّما اهْتَدى بِإعْلامِ اللَّهِ دُونَ غَيْرِهِ، ونِصْفُ الآيَةِ الأُولى الأوَّلُ [مِن هَذِهِ القِصَّةِ] تَسْلِيَةٌ وتَعْزِيَةٌ دَلِيلًا عَلى آيَتَيِ الفِتْنَةِ أوَّلَ السُّورَةِ، ونِصْفُها الثّانِي تَحْذِيرٌ وتَوْقِيَةٌ، [وفِيهِ] دَلِيلٌ عَلى الآيَةِ الثّالِثَةِ، والآيَةُ الثّالِثَةُ، والآيَةُ الأُخْرى تَبْشِيرٌ وتَرْجِيَةٌ، [وفِيهِ] دَلِيلٌ عَلى ما بَعْدُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب