الباحث القرآني

(p-٣٨٤)سُورَةُ العَنْكَبُوتِ مَقْصُودُها الحَثُّ عَلى الِاجْتِهادِ في الأمْرِ بِالمَعْرُوفِ، والنَّهْيِ عَنِ المُنْكَرِ، والدُّعاءِ إلى اللَّهِ تَعالى وحَمْدِهِ مِن غَيْرِ فَتْرَةٍ، كَما خُتِمَتْ بِهِ السُّورَةُ الماضِيَةُ، مِن غَيْرِ تَعْرِيجٍ عَلى غَيْرِهِ سُبْحانَهُ أصْلًا، لِئَلّا يَكُونَ مَثَلُ الفَرَجِ عِنْدَ المُتَعَوِّضِ عِوَضًا مِنهُ مَثَلَ العَنْكَبُوتِ، فَهي سُورَةُ ضَعْفِ الكافِرِينَ وقُوَّةِ المُؤْمِنِينَ، وقَدْ ظَهَرَ سِرُّ تَسْمِيَتِها بِالعَنْكَبُوتِ وأنَّهُ دالٌّ عَلى مَقْصُودِها ”بِسْمِ اللَّهِ“ الَّذِي أحاطَ بِجَمِيعِ القُوَّةِ فَأعَزَّ جُنْدَهُ ”الرَّحْمَنِ“ الَّذِي شَمِلَ جَمِيعَ العِبادِ بِنِعْمَةِ الأمْرِ والنَّهْيِ ”الرَّحِيمِ“ الَّذِي ألْزَمَ أهْلَ العِرْفانِ ذِرْوَةَ الإحْسانِ. لَمّا خَتَمَ السُّورَةَ الماضِيَةَ بِالحَثِّ عَلى العَمَلِ لِلدّارِ الآخِرَةِ، وأنَّ كُلَّ أحَدٍ مِن مُحْسِنٍ ومُسِيءٍ مَجْزِيٌّ بِعَمَلِهِ، وبِالإخْبارِ بِأنَّهُ سُبْحانَهُ عالِمٌ بِالسِّرِّ والعَلَنِ، بِالأمْرِ بِالِاجْتِهادِ في الدُّعاءِ إلَيْهِ وقَصْرِ الهِمَمِ عَلَيْهِ وإنْ أدّى ذَلِكَ إلى المِلالِ، وذَهابِ النَّفْسِ والأمْوالِ، مُعَلِّلًا بِأنَّ لَهُ الحُكْمَ سُبْحانَهُ لِأنَّهُ الباقِي بِلا زَوالٍ، وكُلُّ ماعَداهُ فَإلى تَلاشٍ واضْمِحْلالٍ، وأنَّهُ لا يَفُوتُهُ شَيْءٌ في حالٍ ولا مَآلٍ، قالَ أوَّلَ هَذِهِ: ﴿الم﴾ إشارَةً بِالألِفِ الدّالِّ عَلى القائِمِ الأعْلى المُحِيطِ ولامِ الوُصْلَةِ ومِيمِ التَّمامِ (p-٣٨٥)بِطَرِيقِ الرَّمْزِ إلى أنَّهُ سُبْحانَهُ أرْسَلَ جِبْرِيلَ إلى مُحَمَّدٍ عَلَيْهِما الصَّلاةُ والسَّلامُ لِيَدْعُوَ النّاسَ بِالقُرْآنِ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْهِ إلى اللَّهِ، لِتُعْرَفَ بِالدَّعْوَةِ سَرائِرُهم ويَتَمَيَّزَ بِالتَّكْلِيفِ مُحِقُّهم ومُماكِرُهم ﴿ولَنَبْلُوَنَّكم حَتّى نَعْلَمَ المُجاهِدِينَ مِنكم والصّابِرِينَ ونَبْلُوَ أخْبارَكُمْ﴾ [محمد: ٣١]
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب