الباحث القرآني

ولَمّا لَمْ يَكُنْ لَهم قَدَمُ صِدْقٍ ولا سابِقُ حَقٍّ بِما أتَتْهُمُ الرُّسُلُ بِهِ مِنَ الحُجَجِ، وتابَعَتْ عَلَيْهِمْ مِنَ الأدِلَّةِ، لَمْ يَكُنْ لَهم جَوابٌ إلّا السُّكُوتُ، وهو المُرادُ بِقَوْلِهِ: ﴿فَعَمِيَتْ﴾ أيْ: خَفِيَتْ وأظْلَمَتْ في غَوايَةٍ ولَجاجٍ ﴿عَلَيْهِمُ الأنْباءُ﴾ [أيْ: ] الأخْبارُ الَّتِي هي مِنَ العَظَمَةِ بِحَيْثُ يَحِقُّ لَها في ذَلِكَ اليَوْمِ أنْ تُذْكَرَ، وهي الَّتِي يُمْكِنُ أنْ يَقَعَ بِها الخَلاصُ، وعَدّاهُ بِعَلى إشارَةً إلى أنَّ عَماها وقَعَ عَلَيْهِمْ، فَعَمَّ الكُلَّ العَمى فَصارُوا بِحَيْثُ لا تَهْتَدِي الأنْباءُ لِعَماها إلَيْهِمْ لِتَجَدُّدِها، ولا يَهْتَدُونَ إلَيْها لِانْتِشارِ عَماها إلَيْهِمْ، وهَذا كُلُّهُ إشارَةً [إلى أنَّهُمْ] لَمْ يُقَدِّمُوا عَمَلًا في إجابَةِ الرُّسُلِ بِحَقِّ أنْ يُذْكَرَ في ذَلِكَ اليَوْمِ، بَلْ أسْلَفُوا مِنَ التَّكْذِيبِ والإساءَةِ ما يَوَدُّونَ لَوْ أنَّ بَيْنَهم وبَيْنَهُ أمَدًا بَعِيدًا، وقالَ: ﴿يَوْمَئِذٍ﴾ تَكْرِيرًا لِتَخْوِيفِ ذَلِكَ اليَوْمِ وتَهْوِيلِهِ، وتَقْرِيرًا لِتَعْظِيمِهِ وتَبْجِيلِهِ. (p-٣٣٨)ولَمّا تَسَبَّبَ عَنْ هَذا السُّؤالِ السُّكُوتُ عِلْمًا مِنهم بِأنَّهُ لَيْسَ عِنْدَ أحَدٍ مِنهم ما يُغْنِي في جَوابِهِ مِن حُسْنِ القَوْلِ وصَوابِهِ، وأنَّهم لا يَذْكُرُونَ شَيْئًا مِنَ المَقالِ إلّا عادَ عَلَيْهِمْ بِالوَبالِ، قالَ مُتَرْجِمًا عَنْ ذَلِكَ: ﴿فَهم لا يَتَساءَلُونَ﴾ أيْ: لا يَسْألُ أحَدٌ مِنهم أحَدًا عَنْ شَيْءٍ يَحْصُلُ بِهِ خَلاصٌ، لِعِلْمِهِمْ أنَّهُ قَدْ عَمَّهُمُ الهَلاكُ، ولاتَ حِينَ مَناصٍ، ولِأنَّ كُلًّا مِنهم أبْغَضُ النّاسِ في الآخَرِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب