الباحث القرآني

ولَمّا لَمْ يَلْتَفِتْ إلى هَذا الكَلامِ مِنهم بَلْ عُدَّ عَدَمًا، لِأنَّهُ لا طائِلَ تَحْتَهُ، أُشِيرَ إلى الإعْراضِ عَنْهُ لِأنَّهُ لا يَسْتَحِقُّ جَوابًا كَما قِيلَ: ”رُبَّ قَوْلٍ جَوابُهُ في السُّكُوتِ“ بِقَوْلِهِ: ﴿وقِيلَ﴾ أيْ: ثانِيًا لِلْأتْباعِ تَهَكُّمًا بِهِمْ وإظْهارًا لِعَجْزِهِمُ المَلْزُومِ لِتَحَسُّرِهِمْ وعِظَمِ تَأسُّفِهِمْ، وعَبَّرَ بِصِيغَةِ المَجْهُولِ، إظْهارًا لِلِاسْتِهانَةِ بِهِمْ، وأنَّهم مِنَ الذُّلِّ والصَّغارِ بِحَيْثُ يُجِيبُونَ كُلَّ أمْرٍ كائِنًا مَن كانَ: ﴿ادْعُوا﴾ أيْ: كُلُّكم ﴿شُرَكاءَكُمْ﴾ أيْ: الَّذِينَ ادَّعَيْتُمْ جَهْلًا شَرِكَتَهم لِيَدْفَعُوا عَنْكم. وأضافَهم هُنا إلَيْهِمْ إشارَةً إلى أنَّهم لَمْ يَسْتَفِيدُوا زَعْمَهم أنَّهم شُرَكاءُ اللَّهِ - تَعالى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا كَبِيرًا - إلّا أنْ (p-٣٣٦)أشْرَكُوهم فِيما صَرَفُوا إلَيْهِمْ مِن أمْوالِهِمْ وأقْوالِهِمْ، وأزْمانِهِمْ وأحْوالِهِمْ ﴿فَدَعَوْهُمْ﴾ تَعَلُّلًا بِما لا يُغْنِي، وتَمَسُّكًا بِما يَتَحَقَّقُ أنَّهُ لا يُجْدِي، لِفَرْطِ الغَلَبَةِ واسْتِيلاءِ الحَيْرَةِ والدَّهْشَةِ ﴿فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ﴾ كَما يَحِقُّ لَهم بِما لَهم مِن وصْفِ عَدَمِ الإدْراكِ، والعَجْزِ والهَلاكِ ﴿ورَأوُا﴾ أيْ: كُلُّهم ﴿العَذابَ﴾ عالِمَيْنِ بِأنَّهُ مُواقِعُهم لا مانِعَ لَهُ عَنْهم، فَكانَ الحالُ حِينَئِذٍ مُقْتَضِيًا لِأنْ يُقالَ مِن كُلِّ مَن يَراهم: ﴿لَوْ أنَّهم كانُوا﴾ أيْ: كَوْنًا هو لَهم صِفَةٌ راسِخَةٌ ﴿يَهْتَدُونَ﴾ أيْ: يَحْصُلُ مِنهم هُدى ساعَةٍ مِنَ الدَّهْرِ، تَأسُّفًا عَلى أمْرِهِمْ، وتَمَنِّيًا لِخَلاصِهِمْ، أوْ لَوْ أنَّ ذَلِكَ كانَ في طَبْعِهِمْ لَنَجَوْا مِنَ العَذابِ، أوْ لَما رَأوْهُ أصْلًا، أوْ لَما اتَّبَعُوهم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب