الباحث القرآني

ولَمّا كانَ التَّقْدِيرُ كَما أرْشَدَ إلَيْهِ السِّياقُ لِمَن يَسْألُ عَنْ سَبَبِ فِعْلِهِ هَذا العَجِيبِ: يُرِيدُ بِذَلِكَ زَعْمَ دَوامِ مُلْكِهِ بِأنْ لا يَسْلُبَهُ إيّاهُ واحِدٌ مِنهم أخْبَرَهُ بَعْضُ عُلَمائِهِ أنَّهُ يَغْلِبُهُ عَلَيْهِ ويَسْتَنْقِذُ شَعْبَهُ مِنَ العُبُودِيَّةِ، عَطَفَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ يَحْكِي تِلْكَ الحالَ الماضِيَةَ: ﴿ونُرِيدُ﴾ أوْ هي حالِيَّةٌ، أيْ: يَسْتَضْعِفُهم والحالُ أنّا نُرِيدُ في المُسْتَقْبَلِ أنْ نُقَوِّيَهم. أيْ: يُرِيدُ دَوامَ اسْتِضْعافِهِمْ حالَ إرادَتِنا ضِدَّهُ مِن أنّا نَقْطَعُ ذَلِكَ بِإرادَةِ ﴿أنْ نَمُنَّ﴾ أيْ: نُعْطِي بِقُدْرَتِنا وعِلْمِنا ما يَكُونُ جَدِيرًا بِأنْ نَمْتَنَّ بِهِ (p-٢٤١)﴿عَلى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا﴾ أيْ: حَصَلَ اسْتِضْعافُهم وهانَ هَذا الفِعْلُ الشَّنِيعُ ولَمْ يُراقِبْ فِيهِمْ مَوْلاهم ﴿فِي الأرْضِ﴾ أيْ: أرْضِ مِصْرَ [فَذَلُّوا وأُهِينُوا، ونُرِيهِمْ في أنْفُسِهِمْ وأعْدائِهِمْ وفْقَ ما يُحِبُّونَ وفَوْقَ ما يَأْمُلُونَ] ﴿ونَجْعَلَهم أئِمَّةً﴾ أيْ: مُقَدَّمِينَ في الدِّينِ والدُّنْيا، عُلَماءَ يَدْعُونَ إلى الجَنَّةِ عَكْسَ ما يَأْتِي مِن عاقِبَةِ آلِ فِرْعَوْنَ، وذَلِكَ مَعَ تَصْيِيرِنا لَهم أيْضًا بِحَيْثُ يَصْلُحُ كُلُّ واحِدٍ مِنهم لِأنْ يَقْصِدَ لِلْمَلِكِ بَعْدَ كَوْنِهِمْ مُسْتَعْبَدِينَ في غايَةِ البُعْدِ عَنْهُ ﴿ونَجْعَلَهُمْ﴾ بِقُوَّتِنا وعَظَمَتِنا ﴿الوارِثِينَ﴾ أيْ: لِمُلْكِ مِصْرَ لا يُنازِعُهم فِيهِ أحَدٌ مِنَ القِبْطِ، ولِكُلِّ بَلَدٍ أمَرْناهم بِقَصْدِها، وهَذا إيذانٌ بِإهْلاكِ الجَمِيعِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب