الباحث القرآني
ثُمَّ زادَ طُمَأْنِينَتَهُ بِقَوْلِهِ: ﴿اسْلُكْ﴾ أيْ: أدْخِلْ عَلى الِاسْتِقامَةِ مَعَ الخِفَّةِ والرَّشاقَةِ ﴿يَدَكَ في جَيْبِكَ﴾ أيْ: القَطْعِ الَّذِي في ثَوْبِكَ وهو الَّذِي تَخْرُجُ مِنهُ الرَّأْسُ، أوْ هو الكُمُّ، كَما يَدْخُلُ السِّلْكَ وهو الخَيْطُ الَّذِي يُنْظَمُ فِيهِ الدُّرَرُ، تَنْسَلِكُ عَلى لَوْنِها وما هي عَلَيْهِ مِن (p-٢٨١)أثَرَ الحَرِيقِ الَّذِي عَجَزَ فِرْعَوْنُ عَنْ مُداواتِهِ، وأخْرَجَها ﴿تَخْرُجْ بَيْضاءَ﴾ أيْ: بَياضًا عَظِيمًا يَكُونُ لَهُ شَأْنٌ خارِقٌ لِلْعاداتِ ﴿مِن غَيْرِ سُوءٍ﴾ أيْ: عَيْبٍ مِن حَرِيقٍ أوْ غَيْرِهِ، فَخَرَجَتْ ولَها شُعاعٌ كَضَوْءِ الشَّمْسِ، فالآيَةُ مِنَ الِاحْتِباكِ.
ولَمّا كانَ ذَلِكَ لا يَكُونُ آيَةً مُحَقَّقَةً لِعَدَمِ العَيْبِ إلّا بِعَوْدِها بَعْدَ ذَلِكَ إلى لَوْنِ الجَسَدِ قالَ: ﴿واضْمُمْ إلَيْكَ﴾ أيْ: إلى جَسَدِكَ. ولَمّا كانَ السِّياقُ لِلتَّأْمِينِ مِنَ الخَوْفِ، عَبَّرَ بِالجَناحِ، لِأنَّ الطّائِرَ يَكُونُ آمِنًا عِنْدَ ضَمِّ جَناحِهِ فَقالَ: ﴿جَناحَكَ﴾ أيْ: يَدَيْكَ الَّتِي صارَتْ بَيْضاءَ، والمُرادُ بِالجَناحِ في آيَةِ طَهَ الإبِطُ والجانِبُ لِأنَّهُ لَفْظٌ مُشْتَرَكٌ ﴿مِنَ الرَّهْبِ﴾ أيْ: مِن خَشْيَةِ أنْ تَظُنَّها مَعِيبَةً تَخْرُجُ كَما كانَتْ قَبْلَ بَياضِها في لَوْنِ جَسَدِكَ - هَذا عَلى أنَّ المُرادَ بِالرَّهْبِ الخَوْفُ الَّذِي بَهَرَهُ فَأوْجَبَ لَهُ الهَرَبَ- ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ المُرادُ بِالرَّهْبِ الكُمَّ، فَيَكُونُ إدْخالُها في الفَتى - الَّتِي لَيْسَتْ مَوْضِعَها بَلِ الرَّأْسُ - لِلْبَياضِ، وإدْخالُها في الكُمِّ - الَّذِي هو لَها - لِرُجُوعِها إلى عادَتِها، وفي البَغَوِيِّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما أنَّ اللَّهَ تَعالى أمَرَهُ أنْ يَضُمَّ يَدَهُ إلى صَدْرِهِ فَذَهَبَ عَنْهُ ما نالَهُ مِنَ الخَوْفِ عِنْدَ مُعايَنَةِ الحَيَّةِ، وقالَ: وما مِن خائِفٍ بَعْدَ مُوسى عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ إلّا إذا وضَعَ يَدَهُ عَلى صَدْرِهِ زالَ خَوْفُهُ. وأظْهَرَ بِلَفْظِ الجَناحِ مِن (p-٢٨٢)غَيْرِ إضْمارٍ تَعْظِيمًا لِلْمَقامِ وتَنْبِيهًا عَلى أنَّ عَوْدَها إلى حالِها الأوَّلِ آيَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ، وعَبَّرَ عَنْها بِلَفْظِ الجَناحِ تَنْبِيهًا عَلى الشُّكْرِ بِتَعْظِيمِ نَفْعِها.
ولَمّا تَمَّ كَوْنُها آيَةً بِانْقِلابِها إلى البَياضِ ثُمَّ رُجُوعِها إلى لَوْنِها قالَ: ﴿فَذانِكَ﴾ أيْ: العَصا واليَدُ البَيْضاءُ، وشَدَّدَ أبُو عَمْرٍو وابْنُ كَثِيرٍ ورُوَيْسٌ تَقْوِيَةً لَها لِتُعادِلَ الأسْماءَ المُتَمَكِّنَةَ، وذَكَّرَ لِزِيادَةِ التَّقْوِيَةِ ﴿بُرْهانانِ﴾ أيْ: سُلْطانانِ وحُجَّتانِ قاهِرَتانِ ﴿مِن رَبِّكَ﴾ أيْ: المُحْسِنِ إلَيْكَ لا يَقْدِرُ عَلى مِثْلِهِما غَيْرُهُ ﴿إلى﴾ أيْ: واصِلانِ، أوْ أنْتَ مُرْسَلٌ بِهِما إلى ﴿فِرْعَوْنَ ومَلَئِهِ﴾ كُلَّما أرَدْتَ ذَلِكَ وجَدْتَهُ، لا أنَّهُما يَكُونانِ لَكَ هُنا في هَذِهِ الحُفْرَةِ فَقَطْ، ثُمَّ عَلَّلَ الإرْسالَ إلَيْهِمْ عَلى وجْهِ إظْهارِ الآياتِ لَهم واسْتِمْرارِها بِقَوْلِهِ مُؤَكِّدًا تَنْبِيهًا عَلى [أنَّ] إقْدامَهُ عَلى الرُّجُوعِ إلَيْهِمْ فِعْلُ مَن يَظُنُّ أنَّهم رَجَعُوا عَنْ غَيِّهِمْ، وإعْلامًا بِمَنِّهِ عَلَيْهِ بِالحِمايَةِ مِنهم بِهَذِهِ البَراهِينِ: ﴿إنَّهم كانُوا﴾ أيْ: جِبِلَّةً وطَبْعًا ﴿قَوْمًا﴾ أيْ: أقْوِياءَ ﴿فاسِقِينَ﴾ أيْ: خارِجِينَ عَنِ الطّاعَةِ، فَإذا رَأوْا ذَلِكَ هابُوكَ، فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلى الوُصُولِ إلَيْكَ بِسُوءٍ، وكُنْتَ في مَقامِ أنْ تَرُدَّهم عَنْ فِسْقِهِمْ.
{"ayah":"ٱسۡلُكۡ یَدَكَ فِی جَیۡبِكَ تَخۡرُجۡ بَیۡضَاۤءَ مِنۡ غَیۡرِ سُوۤءࣲ وَٱضۡمُمۡ إِلَیۡكَ جَنَاحَكَ مِنَ ٱلرَّهۡبِۖ فَذَ ٰنِكَ بُرۡهَـٰنَانِ مِن رَّبِّكَ إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ وَمَلَإِی۟هِۦۤۚ إِنَّهُمۡ كَانُوا۟ قَوۡمࣰا فَـٰسِقِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











