الباحث القرآني
فَلَمّا سَكَنُوا إلَيْها طَلَبُوا أنْ تَدُلَّهم، فَأتَتْ بِأُمِّها [فَأحْلَلْنا لَهُ رَضاعَها] فَأخَذَ ثَدْيَها فَقالُوا: أقِيمِي عِنْدَنا، فَقالَتْ: لا أقْدِرُ عَلى فِراقِ بَيْتِي. إنْ رَضِيتُمْ أنْ أكْفُلَهُ في بَيْتِي وإلّا فَلا حاجَةَ لِي، وأظْهَرَتِ التَّزَهُّدَ فِيهِ نَفْيًا لِلتُّهْمَةِ، فَرَضُوا بِذَلِكَ فَرَجَعَتْ بِهِ إلى بَيْتِها، [والآيَةُ مِنَ الِاحْتِباكِ: ذَكَرَ التَّحْرِيمَ أوَّلًا دَلِيلًا عَلى الإحْلالِ ثانِيًا، واسْتِفْهامَ أُخْتِهِ ثانِيًا دَلِيلًا عَلى اسْتِفْهامِهِمْ لَها أوَّلًا، وسِرُّهُ أنَّ ذِكْرَ الأغْرَبِ مِن أمْرِهِ الأدَلُّ عَلى القُدْرَةِ، ] (p-٢٥١)ولِذَلِكَ سَبَّبَ عَمّا مَضى قَوْلَهُ: ﴿فَرَدَدْناهُ﴾ أيْ: مَعَ هَذا الظّاهِرِ في الكَشْفِ لِسِرِّهِ المُوجِبِ لِلرِّيبَةِ في أمْرِهِ، ومَعَ ما تَقَدَّمَ مِنَ القَرائِنِ الَّتِي يَكادُ يَقْطَعُ بِها بِأنَّهُ مِن بَنِي إسْرائِيلَ، مِنها إلْقاؤُهُ في البَحْرِ عَلى تِلْكَ الصِّفَةِ، ومِنها [أنَّ] المَدْلُولَ عَلَيْها لِإرْضاعِهِ مِن بَنِي إسْرائِيلَ، ومِنها أنَّهُ قَبِلَ ثَدْيَها دُونَ غَيْرِها مِنَ القِبْطِ وغَيْرِهِمْ، بِأيْدِينا الَّذِي لا يُقاوِيهِ أيْدٍ، ولا يُدانِي ساحَتَهُ شَيْءٌ مِن مَكْرٍ ولا كَيْدٍ، مِن يَدِ العَدُوِّ الَّذِي ما ذَبَحَ طِفْلًا إلّا رَجاءَ الوُقُوعِ عَلَيْهِ، والخَلاصِ مِمّا جُعِلَ في سابِقِ العِلْمِ إلَيْهِ ﴿إلى أُمِّهِ﴾ وكانَ مِن أمْرِ اللَّهِ - واللَّهُ هو غالِبٌ عَلى أمْرِهِ - أنَّهُ اسْتَخْدَمَ لِمُوسى - كَما قالَ الرّازِي - عَدُوَّهُ في كَفالَتِهِ وهو يَقْتُلُ العالَمَ لِأجْلِهِ؛ ثُمَّ عَلَّلَهُ بِقَوْلِهِ: ﴿كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها﴾ أيْ: تَبْرُدَ وتَسْتَقِرَّ عَنِ الطَّرْفِ في تَطَلُّبِهِ إلى كُلِّ جِهَةٍ وتَنامَ بِإرْضاعِهِ وكَفالَتِهِ في بَيْتِها، آمِنَةً لا تَخافُ، وقُرَّةُ العَيْنِ بِرَدِّها ونَوْمِها خِلافُ سُخْنَتِها وسَهَرِها بِإدامَةِ تَقْلِيبِها، قَرَّتْ عَيْنُهُ تَقِرُّ - بِالكَسْرِ والفَتْحِ - قُرَّةً، وتُضَمُّ، وقُرُورًا: بَرُدَتْ سُرُورًا وانْقَطَعَ بُكاؤُها، أوْ رَأتْ ما كانَتْ مُتَشَوِّقَةً إلَيْهِ، وأقَرَّ اللَّهُ عَيْنَهُ وبِعَيْنِهِ، وعَيْنٌ قَرِيرَةٌ وقارَّةٌ، (p-٢٥٢)وقَّرَتْها ما قَرَّتْ بِهِ، وقَرَّ بِالمَكانِ يَقَرُّ - بِالفَتْحِ والكَسْرِ - قَرارًا وقُرُورًا وقَرًّا وتَقِرَّةً: ثَبَتَ واسْتَكَنَّ، وأصْلُ قُرَّةِ العَيْنِ مِنَ القُرِّ وهو البَرْدُ، أيْ: بَرُدَتْ فَصَحَّتْ ونامَتْ خِلافَ سُخْنَةِ عَيْنِهِ، وقِيلَ: مِنَ القَرارِ، أيْ: اسْتَقَرَّتْ عَيْنِي، وقالُوا: دَمْعَةُ الفَرَحِ بارِدَةٌ، ودَمْعَةُ الحُزْنِ حارَّةٌ، فَمَعْنى أقَرَّ اللَّهُ عَيْنَكَ مِنَ الفَرَحِ وأسَخَنَها مِنَ الحُزْنِ، وهَذا قَوْلُ الأصْمَعِيِّ، وقالَ أبُو عَبّاسٍ: لَيْسَ كَما ذَكَرَ الأصْمَعِيُّ بَلْ كُلُّ دَمْعٍ حارٌّ، فَمَعْنى أقَرَّ اللَّهُ عَيْنَكَ: صادَفَتْ سُرُورًا فَنامَتْ وذَهَبَ سَهَرُها، وصادَفَتْ ما يُرْضِيكَ، أيْ: بَلَّغَكَ اللَّهُ أقْصى أمَلِكَ حَتّى تَقَرَّ عَيْنُكَ مِنَ النَّظَرِ إلى غَيْرِهِ اسْتِغْناءً ورِضًا بِما في يَدَيْكَ، قالُوا: ومَعْنى قَوْلِهِمْ: هو قُرَّةُ عَيْنِي: هو رِضى نَفْسِي، فَهي تَقَرُّ وتَسْكُنُ بِقُرْبِهِ فَلا تَسْتَشْرِفُ إلى غَيْرِهِ ﴿ولا﴾ أيْ: وكَيْلا ﴿تَحْزَنَ﴾ أيْ: بِفِراقِهِ ﴿ولِتَعْلَمَ﴾ أيْ: عِلْمًا هو عَيْنُ اليَقِينِ، كَما كانَتْ عالِمَةً بِهِ عِلْمَ اليَقِينِ، وعِلْمَ شَهادَةٍ كَما كانَتْ عالِمَةً عِلْمَ الغَيْبِ ﴿أنَّ وعْدَ اللَّهِ﴾ أيْ: الأمْرَ الَّذِي وعَدَها بِهِ المَلِكُ الأعْظَمُ الَّذِي لَهُ الكَمالُ كُلُّهُ في حِفْظِهِ وإرْسالِهِ ﴿حَقٌّ﴾ أيْ: هو في غايَةِ الثَّباتِ في مُطابَقَةِ الواقِعِ إيّاهُ.
ولَمّا كانَ العِلْمُ هو النُّورُ الَّذِي (p-٢٥٣)مِن فَقْدِهِ لَمْ يَصِحَّ مِنهُ عَمَلٌ، ولَمْ يَنْتَظِمْ لَهُ قَصْدٌ، قالَ عاطِفًا عَلى ما تَقْدِيرُهُ: فَعَلِمَتْ ذَلِكَ بِرَدِّهِ عَيْنَ اليَقِينِ بَعْدَ عِلْمِ اليَقِينِ: ﴿ولَكِنَّ أكْثَرَهُمْ﴾ أيْ: أكْثَرَ آلِ فِرْعَوْنَ وغَيْرِهِمْ ﴿لا يَعْلَمُونَ﴾ أيْ: لا عِلْمَ لَهم أصْلًا، فَكَيْفَ يَدَّعُونَ ما يَدَّعُونَ مِنَ الإلَهِيَّةِ والكِبْرِياءِ عَلى مَن يَكُونُ اللَّهُ مَعَهُ.
{"ayah":"فَرَدَدۡنَـٰهُ إِلَىٰۤ أُمِّهِۦ كَیۡ تَقَرَّ عَیۡنُهَا وَلَا تَحۡزَنَ وَلِتَعۡلَمَ أَنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقࣱّ وَلَـٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا یَعۡلَمُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











