الباحث القرآني

ولَمّا أخْبَرَ عَنْ حالِ مَن لَقِيَهُ، أخْبَرَ عَنْ حالِ مَن فارَقَهُ، فَقالَ: ﴿وأصْبَحَ﴾ أيْ: عَقِبَ اللَّيْلَةِ الَّتِي حَصَلَ فِيها فِراقُهُ ﴿فُؤادُ أُمِّ مُوسى﴾ أيْ: قَلْبُها الَّذِي زادَ احْتِراقَهُ شَوْقًا وخَوْفًا وحُزْنًا، وهَذا يَدُلُّ عَلى أنَّها ألْقَتْهُ لَيْلًا ﴿فارِغًا﴾ أيْ: في غايَةِ الذُّعْرِ لِما جُبِلَتْ عَلَيْهِ مِن أخْلاقِ البَشَرِ، (p-٢٤٨)قَدْ ذَهَبَ مِنهُ كُلُّ ما فِيهِ مِنَ المَعانِي المَقْصُودَةِ الَّتِي مِن شَأْنِها أنْ يَرْبُطَ عَلَيْها الجَأْشَ؛ ثُمَّ وصَلَ بِذَلِكَ مُسْتَأْنِفًا قَوْلَهُ: ﴿إنْ﴾ أيْ: إنَّهُ ﴿كادَتْ﴾ أيْ: قارَبَتْ ﴿لَتُبْدِي﴾ أيْ: يَقَعُ مِنها الإظْهارُ لِكُلِّ ما كانَ مِن أمْرِهِ، مُصَرِّحَةً ﴿بِهِ﴾ أيْ: بِأمْرِ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ مِن أنَّهُ ولَدُها ونَحْوُ ذَلِكَ بِسَبَبِ فَراغِ فُؤادِها مِنَ الأُمُورِ المُسْتَكِنَّةِ، وتَوَزُّعِ فِكْرِها في كُلِّ وادٍ﴿لَوْلا أنْ رَبَطْنا﴾ بِعَظْمَتِنا ﴿عَلى قَلْبِها﴾ بَعْدَ أنْ رَدَدْنا إلَيْهِ المَعانِيَ الصّالِحَةَ الَّتِي أوْدَعْناها فِيهِ، فَلَمْ تُعْلِنْ بِهِ لِأجْلِ رَبْطِنا عَلَيْهِ حَتّى صارَ كالجِرابِ الَّذِي رُبِطَ فَمُهُ حَتّى لا يَخْرُجَ شَيْءٌ مِمّا فِيهِ؛ ثُمَّ عَلَّلَ الرَّبْطَ بِقَوْلِهِ: ﴿لِتَكُونَ﴾ أيْ: كَوْنًا هو كالغَرِيزَةِ لَها ﴿مِنَ المُؤْمِنِينَ﴾ أيْ: المُصَدِّقِينَ بِما وعَدَ اللَّهُ بِهِ مِن نَجاتِهِ ورِسالَتِهِ، الواثِقِينَ بِذَلِكَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب