الباحث القرآني

﴿ومَن جاءَ بِالسَّيِّئَةِ﴾ أيْ: الَّتِي لا سَيِّئَةَ مِثْلُها، وهي الشِّرْكُ لِقَوْلِهِ: ﴿فَكُبَّتْ﴾ أيْ: بِأيْسَرِ أمْرٍ ﴿وُجُوهُهم في النّارِ﴾ مَعَ أنَّهُ ورَدَ في الصَّحِيحِ «أنَّ مَواضِعَ السُّجُودِ - الَّتِي أشْرَفُها الوُجُوهُ - لا سَبِيلَ لِلنّارِ عَلَيْها»، والوَجْهُ أشْرَفُ ما في الإنْسانِ، فَإذا هانَ كانَ ما سِواهُ أوْلى بِالهَوانِ، والمَكْبُوبُ عَلَيْهِ مَنكُوسٌ. ولَمّا كانُوا قَدْ نَكَّسُوا أعْمالَهم وعَكَسُوها بِعِبادَةِ غَيْرِ اللَّهِ، فَوَضَعُوا الشَّيْءَ في غَيْرِ مَوْضِعِهِ، فَعَظَّمُوا ما حَقُّهُ التَّحْقِيرُ، واسْتَهانُوا أمْرَ العَلِيِّ الكَبِيرِ. وكانَ الوَجْهُ مَحَلَّ [ظُهُورِ] الحَياءِ والِانْكِسارِ، لِظُهُورِ الحُجَّةِ، وكانُوا قَدْ حَدَّقُوا الأعْيُنَ جَلادَةً وجَفاءً عِنْدَ العِنادِ، وأظْهَرُوا في الوُجُوهِ التَّجَهُّمَ والعُبُوسَ والِارْتِدادَ، بِدَعِ قَوْلَهُ [بِناءً عَلى ما تَقْدِيرُهُ بِما دَلَّ عَلَيْهِ الِاحْتِباكُ: وهم مِن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ خائِفُونَ، ولَيْسَ لَهم إلّا مِثْلُ سَيِّئَتِهِمْ]: ﴿هَلْ﴾ أيْ: مَقُولًا لَهم: هَلْ ﴿تُجْزَوْنَ﴾ أيْ: بِغَمْسِ الوُجُوهِ (p-٢٢٦)فِي النّارِ؛ وبُنِيَ لِلْمَفْعُولِ لِأنَّ المُرَغَّبَ المُرَهَّبَ الجَزاءُ، لا كَوْنُهُ مِن مُعَيَّنٍ، وإشارَةً إلى أنَّهُ يَكُونُ بِأيْسَرِ أمْرٍ، لِأنَّ مِنَ المَعْلُومِ أنَّ المُجازِيَ هو اللَّهُ لا غَيْرُهُ ﴿إلا ما كُنْتُمْ﴾ أيْ: بِما هو لَكم كالجِبِلَّةِ ﴿تَعْمَلُونَ﴾ أيْ: تُكَرِّرُونَ عَمَلَهُ وأنْتُمْ تَزْعُمُونَ أنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلى قَواعِدِ العِلْمِ [بِحَيْثُ] يَشْهَدُ كُلُّ [مَن] رَآهُ أنَّهُ مُماثِلٌ لِأعْمالِكم سَواءً بِسَواءٍ، وهو شامِلٌ أيْضًا لِأهْلِ القِسْمِ الأوَّلِ، [والآيَةُ مِنَ الِاحْتِباكِ: ذَكَرَ الخَيْرِيَّةَ والأمْنَ أوَّلًا دَلِيلًا عَلى حَذْفِ المِثْلِ والخَوْفِ ثانِيًا، والكَبَّ في النّارِ ثانِيًا دَلِيلًا عَلى الإكْرامِ عَنْهُ أوَّلًا].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب