الباحث القرآني

ولَمّا شَبَّهَهم بِالصُّمِّ في كَوْنِهِمْ لا يَسْمَعُونَ إلّا مَعَ الإقْبالِ، مَثَّلَهم (p-٢١٤)بِالعَمى في أنَّهم لا يَهْتَدُونَ في غَيْرِ عِوَجٍ أصْلًا إلّا بِراعٍ لا تَشْغَلُهُ عَنْهم فَتْرَةٌ ولا مِلالٌ، فَقالَ: ﴿وما أنْتَ بِهادِي﴾ أيْ: بِمُوجِدٍ الهِدايَةَ عَلى الدَّوامِ في قُلُوبِ ﴿العُمْيِ﴾ [أيْ: في أبْصارِهِمْ وبَصائِرِهِمْ مُزِيلًا لَهم وناقِلًا ومُبْعِدًا] ﴿عَنْ ضَلالَتِهِمْ﴾ عَنِ الطَّرِيقِ بِحَيْثُ تَحْفَظُهم عَنْ أنْ يُزالُوا عَنْها أصْلًا، فَإنَّ هَذا لا يَقْدِرُ عَلَيْهِ إلّا الحَيُّ القَيُّومُ، والسِّياقُ كَما تَرى يُشْعِرُ بِتَنْزِيلِ كُفْرِهِمْ في ثَلاثِ رُتَبٍ: عُلْيا كَكُفْرِ أبِي جَهْلٍ، ووُسْطى كَعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، ودُنْيا كَأبِي طالِبٍ وبَعْضِ المُنافِقِينَ، وسَيَأْتِي في سُورَةِ الرُّومِ لِهَذا مَزِيدُ بَيانٍ. ولَمّا كانَ رُبَّما أوْقَفَ عَنْ دُعائِهِمْ، رَجّاهُ في انْقِيادِهِمْ وارْعِوائِهِمْ بِقَوْلِهِ: ﴿إنْ﴾ أيْ: ما ﴿تُسْمِعُ﴾ أيْ: سَماعَ انْتِفاعٍ عَلى وجْهِ الكَمالِ، في كُلِّ حالٍ ﴿إلا مَن يُؤْمِنُ﴾ أيْ: مَن عَلِمْناهُ أنَّهُ يُصَدِّقُ ﴿بِآياتِنا﴾ بِأنْ جَعَلْنا فِيهِ قابِلِيَّةَ السَّمْعِ. ثُمَّ سَبَّبَ عَنْهُ قَوْلَهُ دَلِيلًا عَلى إيمانِهِ: ﴿فَهم مُسْلِمُونَ﴾ أيْ: في غايَةِ الطَّواعِيَةِ لَكَ في المَنشَطِ والمَكْرَهِ، لا خِيَرَةَ لَهم ولا إرادَةَ في شَيْءٍ مِنَ الأشْياءِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب