الباحث القرآني
وأشارَ إلى سُرْعَةِ مَجِيئِها إشارَةً إلى خُضُوعِها بِالتَّعْبِيرِ بِالفاءِ في قَوْلِهِ: ﴿فَلَمّا جاءَتْ﴾ وكانَ مَجِيئُها - عَلى ما قِيلَ - في اثَّنىْ عَشَرَ ألْفَ قَيْلٍ مِن وُجُوهِ اليَمَنِ، تَحْتَ يَدِ كُلِّ قَيْلٍ أُلُوفٌ كَثِيرَةٌ، وكانَتْ قَدْ وضَعَتْ عَرْشَها داخِلَ بَيْتٍ مَنِيعٍ، ووَكَّلَتْ بِهِ حُرّاسًا أشِدّاءَ ﴿قِيلَ﴾ أيْ: لَها وقَدْ رَأتْ عَرْشَها بَعْدَ تَنْكِيرِهِ بِتَقْلِيبِ نَصْبِهِ وتَغْيِيرِهِ، مِن قائِلٍ لا يَقْدِرُ عَلى السُّكُوتِ عَنْ جَوابِهِ لِما نالَها مِنَ الهَيْبَةِ وخالَطَها مِنَ الرُّعْبِ مِن عَظِيمِ ما رَأتْ، فَقَرَّعَها بِكَلِمَةٍ تَشْمَلُ عَلى أرْبَعِ كَلِماتٍ: هاءُ التَّنْبِيهِ، وكافُ التَّشْبِيهِ، واسْمُ الإشارَةِ، (p-١٦٨)مُصَدَّرَةً بِهَمْزَةِ الِاسْتِفْهامِ، أيْ: تَنَبَّهِي،
﴿أهَكَذا﴾ أمِثْلُ ذا العَرْشِ ﴿عَرْشُكِ قالَتْ﴾ عادِلَةً عَنْ حَقِّ الجَوابِ مِن ”نَعَمْ“ أوْ ”لا“ إشارَةً إلى أنَّها غَلَبَ عَلى ظَنِّها أنَّهُ هو بِعَيْنِهِ كَما قالُوا في ”كَأنَّ زَيْدًا قائِمٌ“: ﴿كَأنَّهُ هُوَ﴾ وذَلِكَ يَدُلُّ عَلى ثَباتٍ كَبِيرٍ، وفِكْرٍ ثاقِبٍ، ونَظَرٍ ثابِتٍ، وطَبْعٍ مُنْقادٍ، لِتَجْوِيزِ المُعْجِزاتِ والإذْعانِ لَها مَعَ دَهْشَةِ القُدُومِ، واشْتِغالِ الفِكْرِ بِما دَهَمَها مِن هَيْبَتِهِ وعَظِيمِ أمْرِهِ، فَعَلِمَ سُلَيْمانُ عَلَيْهِ السَّلامُ [رَجاحَةَ عَقْلِها وبَطَلانَ ما قالَ الشَّياطِينُ مِن نَقْصِهِ خَوْفًا مِن أنْ يَتَزَوَّجَها فَتُفْشِي عَلَيْهِ أسْرارَ الجِنِّ لِأنَّ أُمَّها كانَتْ جِنِّيَّةً] عَلى ما قِيلَ، وقالُوا: إنَّ رِجْلَها كَحافِرِ الحِمارِ، وإنَّها كَثِيرَةُ الشَّعْرِ جِدًّا.
ولَمّا كانَتْ مَعَ ذَلِكَ قَدْ شُبِّهَ عَلَيْها ولَمْ تَصِلْ إلى حاقِ الِانْكِشافِ مَعَ أنَّها غُلِبَتْ عَلى عَرْشِها مَعَ الِاحْتِفاظِ عَلَيْهِ، اسْتَحْضَرَ ﷺ ما خَصَّهُ اللَّهُ بِهِ مِنَ العِلْمِ زِيادَةً في حَثِّهِ عَلى الشُّكْرِ، فَقالَ عاطِفًا عَلى ما تَقْدِيرُهُ: فَأُوتِيَتْ مِن أمْرِ عَرْشِها عِلْمًا، ولَكِنَّهُ يُخالِجُهُ شَكٌّ، فَدَلَّ عَلى أنَّها في الجُمْلَةِ مِن أهْلِ العِلْمِ المُهَيِّئِ لِلْهِدايَةِ، أوْ يَكُونُ التَّقْدِيرُ (p-١٦٩)بِما دَلَّ عَلَيْهِ ما يَلْزَمُ مِن قَوْلِها ”كَأنَّهُ“: فَجَهِلَتْ أمْرَ عَرْشِها عَلى كَثْرَةِ مُلابَسَتِها لَهُ: ﴿وأُوتِينا﴾ مُعَبِّرًا بِنُونِ الواحِدِ المُطاعِ، لاسِيَّما والمُؤْتى سَبَبٌ لِعَظَمَةٍ شَرْعِيَّةٍ، وهو العِلْمُ الَّذِي لا يَقْدِرُ عَلى إيتائِهِ غَيْرُ اللَّهِ، ولِذَلِكَ بُنِيَ الفِعْلُ لِلْمَفْعُولِ لِأنَّ فاعِلَهُ مَعْلُومٌ ﴿العِلْمَ﴾ أيْ: بِجَمِيعِ ما آتانا اللَّهُ عِلْمَهُ، ومِنهُ أنَّهُ يَخْفى عَلَيْها ﴿مِن قَبْلِها﴾ أيْ: مِن قَبْلِ إتْيانِها، بِأنَّ عَرْشَها يَشْتَبِهُ عَلَيْها، أوْ مِن قَبْلِ عِلْمِها بِما ظَنَّتْ مِن أمْرِ عَرْشِها، أوْ أنا وأسْلافِي مِن قَبْلِ وُجُودِها، فَنَحْنُ عَرِيقُونَ في العِلْمِ، فَلِذَلِكَ نَحْنُ عَلى حَقِيقَةٍ مِن جَمِيعِ أُمُورِنا، وإنَّما قالَ: ﴿نَنْظُرْ أتَهْتَدِي﴾ [النمل: ٤١] بِالنِّسْبَةِ إلى جُنُودِهِ.
ثُمَّ ذَكَرَ السَّبَبَ في وُجُودِ العِلْمِ واتِّساعِهِ وثَباتِهِ فَقالَ: ﴿وكُنّا﴾ أيْ: مَعَ العِلْمِ الَّذِي هَيَّأنا اللَّهُ لَهُ بِما جَعَلَ في غَرائِزِنا مِنَ النُّورانِيَّةِ ﴿مُسْلِمِينَ﴾ أيْ: خاضِعِينَ لِلَّهِ تَعالى عَرِيقَيْنِ في ذَلِكَ مُقْبِلِينَ عَلى جَمِيعِ أوامِرِهِ بِالفِعْلِ عَلى حَسَبِ أمْرِهِ كَما أشارَ إلَيْهِ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿واتَّقُوا اللَّهَ ويُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ﴾ [البقرة: ٢٨٢] ﴿يَهْدِيهِمْ رَبُّهم بِإيمانِهِمْ﴾ [يونس: ٩]
{"ayah":"فَلَمَّا جَاۤءَتۡ قِیلَ أَهَـٰكَذَا عَرۡشُكِۖ قَالَتۡ كَأَنَّهُۥ هُوَۚ وَأُوتِینَا ٱلۡعِلۡمَ مِن قَبۡلِهَا وَكُنَّا مُسۡلِمِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











