الباحث القرآني

ولَمّا كانَ العِلْمُ واقِعًا بِأنَّهُ يَفْعَلُ ما أُمِرَ بِهِ لا مَحالَةَ، وأنَّهُ لا يَدْفَعُهُ (p-١٥٧)إلّا إلى المَلِكَةِ الَّتِي بالَغَ في وصْفِها، تَشَوَّفَتِ النَّفْسُ إلى قَوْلِها عِنْدَ ذَلِكَ، فَكانَ كَأنَّهُ قِيلَ: فَأخَذَ الكِتابَ وذَهَبَ بِهِ، فَلَمّا ألْقاهُ إلَيْها وقَرَأتْهُ، وكانَتْ قارِئَةً كاتِبَةً مِن قَوْمِ تُبَّعٍ ﴿قالَتْ﴾ لِقَوْمِها بَعْدَ أنْ جَمَعَتْهم مُعَظِّمَةً لَهم، أوْ لِأشْرافِهِمْ فَقَطْ: ﴿يا أيُّها المَلأُ﴾ أيْ: الأشْرافُ. ولَمّا كانَ مِن شَأْنِ المُلُوكِ أنْ لا يَصِلَ إلَيْهِمْ أحَدٌ بِكِتابٍ ولا غَيْرِهِ إلّا عَلى أيْدِي جَماعَتِهِمْ، عَظَّمَتْ هَذا الكِتابَ بِأنَّهُ وصَلَ إلَيْها عَلى غَيْرِ ذَلِكَ المِنهاجِ فَبَنَتْ لِلْمَفْعُولِ قَوْلَها: ﴿إنِّي أُلْقِيَ إلَيَّ﴾ أيْ: بِإلْقاءِ مُلْقٍ عَلى وجْهٍ غَرِيبٍ ﴿كِتابٌ﴾ أيْ: صَحِيفَةٌ مَكْتُوبٌ فِيها كَلامٌ وجِيزٌ جامِعٌ. ولَمّا كانَ الكَرِيمُ -كَما تَقَدَّمَ في الرَّعْدِ- مَن سَتَرَ مَساوِئَ الأخْلاقِ بِإظْهارِ مَعالِيها لِأنَّهُ ضِدُّ اللَّئِيمِ، وكانَ هَذا الكِتابُ قَدْ حَوى مِنَ الشَّرَفِ أمْرًا باهِرًا لَمْ يُعْهَدْ مِثْلُهُ مِن جِهَةِ المُرْسَلِ والرَّسُولِ والِافْتِتاحِ بِالِاسْمِ الأعْظَمِ إلى ما لَهُ مِن وجازَةِ اللَّفْظِ وبُلُوغِ المَعْنى، قالَتْ: ﴿كَرِيمٌ﴾
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب