الباحث القرآني

ولَمّا كانَتْ رُؤْيَتُهم لِلْآياتِ السَّماوِيَّةِ والأرْضِيَّةِ المُوجِبَةِ لِلِانْقِيادِ والخُضُوعِ مُوجِبَةً لِإنْكارِ تَخَلُّفِهِمْ عَمّا تَدْعُو إلَيْهِ فَضْلًا عَنِ الِاسْتِهْزاءِ، وكانَ قَدْ تَقَدَّمَ آخِرَ تِلْكَ الحَثُّ عَلى تَدَبُّرِ بُرُوجِ السَّماءِ وما يَتْبَعُها مِنَ الدَّلالاتِ، فَكانَ التَّقْدِيرُ: ألَمْ يَرَوْا إلى السَّماءِ كَمْ أوْدَعْنا في بُرُوجِها وغَيْرِها مِن آياتٍ نافِعَةٍ وضارَّةٍ كالأمْطارِ والصَّواعِقِ، عَطَفَ عَلَيْهِ ما يَنْشَأُ عَنْ ذَلِكَ في الأرْضِ في قَوْلِهِ مُعَجِّبًا مِنهم: ﴿أوَلَمْ يَرَوْا﴾ . ولَمّا كانُوا في عَمًى عَنْ تَدَبُّرِ ذَلِكَ، عَبَّرَ لِلدَّلالَةِ عَلَيْهِ بِحَرْفِ الغايَةِ فَقالَ: ﴿إلى الأرْضِ﴾ أيْ: عَلى سَعَتِها واخْتِلافِ نَواحِيها وتُرَبِها؛ ونَبَّهَ عَلى كَثْرَةِ ما صَنَعَ مِن جَمِيعِ الأصْنافِ فَقالَ: [ ﴿كَمْ أنْبَتْنا﴾ أيْ: بِما لَنا مِنَ العَظَمَةِ ﴿فِيها﴾ بَعْدَ أنْ كانَتْ يابِسَةً مَيِّتَةً لا نَباتَ بِها] ﴿مِن كُلِّ زَوْجٍ﴾ أيْ: صِنْفٍ مُشاكِلٍ بَعْضُهُ لِبَعْضٍ، فَلَمْ يَبْقَ صِنْفٌ يَلِيقُ بِهِمْ في العاجِلَةِ إلّا أكْثَرْنا مِنَ الإنْباتِ مِنهُ ﴿كَرِيمٍ﴾ أيْ: جَمُّ المَنافِعِ، مَحْمُودُ العَواقِبِ، لا خَباثَةَ فِيهِ، مِنَ الأشْجارِ والزُّرُوعِ وسائِرِ النَّباتاتِ عَلى اخْتِلافِ ألْوانِها في زُهُورِها وأنْوارِها، [و] طَعُومِها وأقْدارِها، (p-١١)ومَنافِعِها وأرْواحِها - إلى غَيْرِ ذَلِكَ مِن أُمُورٍ لا يُحِيطُ بِها حَدًّا ولا يُحْصِيها عَدًّا، إلّا الَّذِي خَلَقَها، مَعَ كَوْنِها تُسْقى بِماءٍ واحِدٍ؛ والكِرِيمُ وصْفٌ لِكُلِّ ما يُرْضى في بابِهِ ويُحْمَدُ، وهو ضِدُّ اللَّئِيمِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب