الباحث القرآني

ولَمّا كانَ مِنَ المَعْلُومِ أنَّهُما امْتَثِلا ما أمَرَهُما اللَّهُ، فَأتَياهُ وقالا لَهُ ما أمَرا بِهِ، تَشَوَّفَتِ النَّفْسُ إلى جَوابِهِ لَهُما، فَقالَ تَعالى التِفاتًا إلى مِثْلِ قَوْلِهِ في الَّتِي قَبْلَها: ﴿وقالُوا مالِ هَذا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ﴾ [الفرقان: ٧] و﴿إنْ يَتَّخِذُونَكَ إلا هُزُوًا﴾ [الفرقان: ٤١] ونَحْوُ ذَلِكَ تَسْلِيَةً لِهَذا النَّبِيِّ الكَرِيمِ وتَحْقِيقًا لِمَعْنى قَوْلِهِ تَعالى، ﴿كَلا﴾ [الشعراء: ١٥] و﴿مُسْتَمِعُونَ﴾ [الشعراء: ١٥] مِن أنَّ فِرْعَوْنَ وإنْ بالَغَ في الإبْراقِ والإرْعادِ لا يُرَوِّعُ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ شَيْءٌ مِنهُ: ﴿قالَ﴾ أيْ: فِرْعَوْنُ حِينَ أبْلَغاهُ الرِّسالَةَ مُخاطِبًا لِمُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ عِلْمًا مِنهُ أنَّهُ الأصْلُ فِيها، وأخُوهُ إنَّما هو وزِيرٌ، مُنْكِرًا عَلَيْهِ مُواجَهَتَهُ بِمِثْلِ هَذا ومانًّا عَلَيْهِ لِيَكُفَّ مِن جُرْأتِهِ بِتَصْوِيبِ مِثْلِ هَذا الكَلامِ إلَيْهِ: ﴿ألَمْ نُرَبِّكَ﴾ أيْ: بِعَظَمَتِنا الَّتِي شاهَدْتَها، ﴿فِينا ولِيدًا﴾ أيْ: صَغِيرًا قَرِيبَ عَهْدٍ بِالوِلادَةِ، ﴿ولَبِثْتَ فِينا﴾ أيْ: لا في غَيْرِنا، بِاعْتِبارِ انْقِطاعِكَ إلَيْنا، وتَعَزُّزِكَ في الظّاهِرِ بِنا (p-٢١)﴿مِن عُمُرِكَ سِنِينَ﴾ أيْ: كَثِيرَةً، فَلَنا عَلَيْكَ بِذَلِكَ مِنَ الحَقِّ ما يَنْبَغِي أنْ يَمْنَعَكَ مِن مُواجَهَتِنا بِمِثْلِ هَذا، وكَأنَّهُ عَبَّرَ بِما يُفْهِمُ النَّكَدَ كِنايَةً عَنْ مُدَّةِ مَقامِهِ عِنْدَهُ بِأنَّها كانَتْ نَكَدَهُ لِأنَّهُ وقَعَ فِيما كانَ يَخافُهُ، وفاتَهُ ما كانَ يَحْتاطُ بِهِ مِن ذَبْحِ الأطْفالِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب