الباحث القرآني
ولَمّا اقْتَضى وصْفُ العِزَّةَ الإهْلاكَ، ووَصْفُ الرَّحْمَةِ الإمْهالَ، وكانَ الأوَّلُ مُقَدَّمًا، وكانَتْ عادَتُهم تَقْدِيمَ ما هم بِهِ أهَمُّ، وهو لَهم أعَنى، خِيفَتْ غائِلَتُهُ، فَأتْبَعَ ذَلِكَ أخْبارَ هَذِهِ الأُمَمِ، دَلالَةً عَلى الوَصْفَيْنِ مَعًا تَرْغِيبًا وتَرْهِيبًا، ودَلالَةً عَلى أنَّ الرَّحْمَةَ سَبَقَتِ الغَضَبَ، وإنْ قَدَّمَ الوَصْفَ اللّائِقَ بِهِ، فَلا يُعَذِّبُ إلّا بَعْدَ البَيانِ مَعَ طُولِ الإمْهالِ، وأخْلى قِصَّةَ أبِيهِمْ إبْراهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ مِن ذِكْرِ الإهْلاكِ إشارَةً إلى البِشارَةِ بِالرِّفْقِ بِبَنِيهِ العَرَبِ في الإمْهالِ كَما رَفَقَ بِهِمْ في الإنْزالِ والإرْسالِ، ولَمّا كانَ مَعَ ذَلِكَ في هَذِهِ القِصَّةِ تَسْلِيَةٌ لِلنَّبِيِّ ﷺ فِيما يُقاسِيهِ مِنَ الأذى والتَّكْذِيبِ، وكانَتِ التَّسْلِيَةُ بِمُوسى وإبْراهِيمَ عَلَيْهِما السَّلامُ أتَمَّ، لِما لَهُما مِنَ القُرْبِ، والمُشارَكَةِ في الهِجْرَةِ، والقَصْدِ إلى الأرْضِ المُقَدَّسَةِ، وكانَ قَدِ اخْتَصَّ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ بِالكِتابِ الَّذِي ما بَعْدَ القُرْآنِ مِثْلُهُ والآياتُ الَّتِي ما أتى بِمِثْلِها أحَدٌ قَبْلَهُ، وإقْرارُ عَيْنِهِ بِهِدايَةِ قَوْمِهِ، وحِفْظِهِمْ (p-١٤)بَعْدَهُ بِالكِتابِ، وسِياسَةُ الأنْبِياءِ المُجَدِّدِينَ لِشَرِيعَتِهِ، وعَدَمِ اسْتِئْصالِهِمْ بِالعَذابِ والِانْتِقامِ بِأيْدِيهِمْ مِن جَمِيعِ أعْدائِهِمْ، وفَتَحَ بِلادَ الكَفَرَةِ عَلى أيْدِيهِمْ بَعْدَهُ ﷺ إلى غَيْرِ ذَلِكَ مِمّا شابَهُوا بِهِ هَذِهِ الأُمَّةَ مَعَ مُجاوَرَتِهِمْ لِلْعَرَبِ حَتّى في دارِ الهِجْرَةِ، ومَوْطِنِ النُّصْرَةِ، لِيَكُونَ في إقْرارِهِمْ عَلى ما يَسْمَعُونَ مِن أخْبارِهِمْ أعْظَمُ مُعْجِزَةٍ، وأتَمُّ دَلالَةٍ، قَدَّمَهُما مُقَدِّمًا لِمُوسى -عَلَيْهِما السَّلامُ، والتَّحِيَّةُ والإكْرامُ- فَإنْ كانَ القَصْدُ تَسْكِينَ ما أوْرَثَهُ آخِرَ تِلْكَ مِن خَوْفِ المُلازَمَةِ بِالعَذابِ نَظَرًا إلى وصْفِ العِزَّةِ، فالتَّقْدِيرُ: اذْكُرْ أثَرَ رَحْمَتِنا بِطُولِ إمْهالِنا لِقَوْمِكَ -وهم عَلى أشَدِّ ما يَكُونُ مِنَ الكُفْرِ والضَّلالِ في أيّامِ الجاهِلِيَّةِ- بِرَحْمَتِنا الشّامِلَةِ بِإرْسالِكَ إلَيْهِمْ وأنْتَ أشْرَفُ الرُّسُلِ، وإنْزالُ هَذا الكِتابِ الَّذِي هو أعْظَمُ الكُتُبِ، ”و“ اذْكُرْ ”إذْ“ وعَلى تَقْدِيرِ التَّسْلِيَةِ يَكُونُ العَطْفُ عَلى تِلْكَ لِأنَّ المُرادَ بِها التَّنْبِيهُ، فالتَّقْدِيرُ: خُذْ آياتِ الكِتابِ واذْكُرْ إذْ ﴿نادى رَبُّكَ﴾ أيْ: المُحْسِنُ إلَيْكَ بِكُلِّ ما يُمْكِنُ الإحْسانُ بِهِ في هَذِهِ الدّارِ، وعَلى تَقْدِيرِ التَّرْهِيبِ يَكُونُ التَّقْدِيرُ: أوْ لَمْ يَرَوْا إذْ نادى رَبُّكَ، وعُدُّوا رائِينَ لِذَلِكَ لِأنَّ اليَهُودَ في بِلادِهِمْ وفي حَدِّ القُرْبِ مِنهم، فَإمّا أنْ يَكُونُوا عالِمِينَ بِالقِصَّةِ بِما سَمِعُوهُ مِنهم، أوْ مُتَهَيِّئِينَ (p-١٥)لِذَلِكَ لِإمْكانِهِمْ مِن سُؤالِهِمْ؛ ثُمَّ ذَكَرَ المُنادى فَقالَ: ﴿مُوسى﴾ وأتْبَعَهُ ما كانَ لَهُ النِّداءُ فَقالَ مُفَسِّرًا لِأنَّ النِّداءَ في مَعْنى القَوْلِ: ﴿أنِ ائْتِ القَوْمَ﴾ أيْ: الَّذِينَ فِيهِمْ قُوَّةٌ وأيُّ قُوَّةٍ ﴿الظّالِمِينَ﴾ أيْ: بِوَضْعِهِمْ قَوَّتَهم عَلى النَّظَرِ الصَّحِيحِ المُؤَدِّي لِلْإيمانِ في غَيْرِ مَوْضِعِها.
{"ayah":"وَإِذۡ نَادَىٰ رَبُّكَ مُوسَىٰۤ أَنِ ٱئۡتِ ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











