الباحث القرآني
ولَمّا كانَتْ هَذِهِ الأفْعالُ دالَّةً عَلى البَعْثِ لَكِنْ بِنَوْعِ خَفاءٍ، أتْبَعَها ثَمَرَةَ هَذا الفِعْلِ دَلِيلًا واضِحًا عَلى ذَلِكَ، فَقالَ مُعَبِّرًا بِالإحْياءِ لِذَلِكَ، مُعَلِّلًا لِلطَّهُورِ المُرادِ بِهِ البُعْدُ عَنْ جَمِيعِ ما يُدَنِّسُهُ مِن مُلُوحَةٍ أوْ مَرارَةٍ أوْ كَبْرَتَةٍ ونَحْوِ ذَلِكَ مِمّا يَمْنَعُ كَمالَ الِانْتِفاعِ بِهِ: ﴿لِنُحْيِيَ بِهِ﴾ أيْ بِالماءِ.
ولَمّا كانَ المَقْصُودُ بِإحْياءِ الأرْضِ بِالنَّباتِ إحْياءَ البِلادِ لِإحْياءِ أهْلِها قالَ: ﴿بَلْدَةً﴾ ولَوْ كانَ مِلْحًا أوْ مُرًّا أوْ مُكَبْرَتًا لَمْ تَكُنْ فِيهِ قُوَّةُ الإحْياءِ. ولَمّا كَرِهَ أنْ يَفْهَمَ تَخْصِيصَ البِلادِ، أُجْرِيَ الوَصْفُ بِاعْتِبارِ المَوْضِعِ (p-٤٠٢)لِيَعُمَّ كُلَّ مَكانٍ فَقالَ: ﴿مَيْتًا﴾ أيْ بِما نُحْدِثُ فِيهِ مِنَ النَّباتِ بَعْدَ أنْ كانَ قَدْ صارَ هَشِيمًا ثُمَّ تُرابًا، لِيَكُونَ ذَلِكَ آيَةً بَيِّنَةً عَلى قُدْرَتِنا عَلى بَعْثِ المَوْتى بَعْدَ كَوْنِهِمْ تُرابًا.
ولَمّا كانَ في مَقامِ العَظَمَةِ، بِإظْهارِ القُدْرَةِ، زادَ عَلى كَوْنِهِ آيَةً عَلى البَعْثِ بِإظْهارِ النَّباتِ الَّذِي هو مَنفَعَةٌ لِلرَّعْيِ مَنفَعَةً أُخْرى عَظِيمَةَ الجَدْوى في الحِفْظِ مِنَ المَوْتِ بِالشُّرْبِ كَما كانَتْ آيَةُ الإحْياءِ حافِظَةً بِالأكْلِ فَقالَ: ﴿ونُسْقِيَهُ﴾ أيِ الماءِ وهو مِن أسْقاهُ - مَزِيدُ سَقاهُ، وهُما لُغَتانِ.
قالَ ابْنُ القَطّاعِ: سَقَيْتُكَ شَرابًا وأسْقَيْتُكَ، واللَّهُ تَعالى عِبادَهُ وأرْضَهُ كَذَلِكَ.
﴿مِمّا خَلَقْنا﴾ أيْ بِعَظَمَتِنا.
ولَمّا كانَتِ النِّعْمَةُ في إنْزالِ الماءِ عَلى الأنْعامِ وأهْلِ البَوادِي ونَحْوِهِمْ أكْثَرَ، لِأنَّ الطَّيْرَ والوَحْشَ تَبْعُدُ في الطَّلَبِ فَلا تَعْدَمُ ما تَشْرَبُ، خَصَّها فَقالَ: ﴿أنْعامًا﴾ وقَدَّمَ النَّباتَ لِأنَّ بِهِ حَياةَ الأنْعامِ، والأنْعامَ لِأنَّ بِها كَمالَ حَياةِ الإنْسانِ، فَإذا وُجِدَ ما يَكْفِيها مِنَ السَّقْيِ تَجَزَّأ هو بِأيْسَرِ شَيْءٍ، وأتْبَعَ ذَلِكَ قَوْلَهُ: ﴿وأناسِيَّ كَثِيرًا﴾ أيْ بِحِفْظِنا لَهُ في الغُدْرانِ لِأهْلِ البَوادِي الَّذِينَ يَبْعُدُونَ عَنِ الأنْهارِ والعُيُونِ وغَيْرِهِمْ مِمَّنْ أرَدْنا، لِأنَّهُ تَعالى لا يَسْقِي جَمِيعَ النّاسِ عَلى حَدٍّ سَواءٍ، ولَكِنْ يُصِيبُ (p-٤٠٣)بِالمَطَرِ مَن يَشاءُ، ويَصْرِفُهُ عَمَّنْ يَشاءُ، ويَسْقِي بَعْضَ النّاسِ مِن غَيْرِ ذَلِكَ، ولِذا نَكَّرَ المَذْكُوراتِ - كَما رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُما أنَّهُ قالَ: ما مِن عامٍ بِأمْطَرَ مِن عامٍ، ولَكِنَّ اللَّهَ قَسَّمَ ذَلِكَ بَيْنَ عِبادِهِ عَلى ما يَشاءُ - وتَلا هَذِهِ الآيَةَ.
وقالَ البَغَوِيُّ: وذَكَرَ ابْنُ إسْحاقَ وابْنُ جُرَيْجٍ ومُقاتِلٌ وبَلَّغُوا بِهِ ابْنَ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَرْفَعُهُ قالَ: «لَيْسَ مِن سَنَةٍ بِأمْطَرَ مِن أُخْرى، ولَكِنَّ اللَّهَ قَسَّمَ الأرْزاقَ، فَجَعَلَها في السَّماءِ الدُّنْيا في هَذا القَطْرِ، يَنْزِلُ مِنهُ كُلُّ سَنَةٍ بِكَيْلٍ مَعْلُومٍ ووَزْنٍ مَعْلُومٍ، فَإذا عَمِلَ قَوْمٌ بِالمَعاصِي حَوَّلَ اللَّهُ ذَلِكَ إلى غَيْرِهِمْ، وإذا عَصَوْا جَمِيعًا صَرَفَ اللَّهُ تَعالى ذَلِكَ إلى الفَيافِي والبِحارِ» - انْتَهى.
وكانَ السِّرُّ في ذَلِكَ أنَّهُ كانَ مِن حَقِّهِمْ أنْ يُطَهِّرُوا ظَواهِرَهم وبَواطِنَهُمْ، ويُطَهِّرُوا غَيْرَهم لِيُناسِبُوا حالَهُ في الطَّهُورِيَّةِ، فَلَمّا تَدَنَّسُوا بِالقاذُوراتِ تَسَبَّبُوا في صَرْفِهِ عَنْهم.
{"ayah":"لِّنُحۡـِۧیَ بِهِۦ بَلۡدَةࣰ مَّیۡتࣰا وَنُسۡقِیَهُۥ مِمَّا خَلَقۡنَاۤ أَنۡعَـٰمࣰا وَأَنَاسِیَّ كَثِیرࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق