الباحث القرآني

ولَمّا كانَ حاصِلُ حالِهِمْ أنَّهم جانَبُوا أشْرَفَ الخَلْقِ الهادِي لَهم إلى كُلِّ خَيْرٍ، وصاحَبُوا غَيْرَهُ مِمَّنْ يَقُودُهم إلى كُلِّ شَرٍّ، بَيَّنَ عُسْرَ ذَلِكَ اليَوْمِ الَّذِي إنَّما أوْجَبَ جُرْأتَهم تَكْذِيبُهم بِهِ بِتَناهِي نَدَمِهِمْ عَلى فِعْلِهِمْ هَذا فَقالَ: ﴿ويَوْمَ يَعَضُّ الظّالِمُ﴾ أيْ لِفَرْطِ تَأسُّفِهِ لِما يَرى فِيهِ مِنَ الأهْوالِ ﴿عَلى يَدَيْهِ﴾ أيْ كِلْتَيْهِما فَيَكادُ يَقْطَعُهُما لِشِدَّةِ حَسْرَتِهِ وهو لا يَشْعُرُ، حالَ كَوْنِهِ مَعَ هَذا الفِعْلِ ﴿يَقُولُ﴾ أيْ يُجَدِّدُ في كُلِّ لَحْظَةٍ قَوْلَهُ: ﴿يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ﴾ أيْ أرْغَمْتُ نَفْسِي وكَلَّفْتُها أنْ آخُذَ في الدُّنْيا ﴿مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلا﴾ أيْ عَمَلًا واحِدًا مِنَ الأعْمالِ الَّتِي دَعانِي إلَيْها، وأطَعْتُهُ طاعَةً ما، لِما انْكَشَفَ لِي في هَذا اليَوْمِ مِن أنَّ كُلَّ مَن أطاعَهُ ولَوْ لَحْظَةً حَصَلَتْ لَهُ سَعادَةٌ بِقَدْرِها، وعَضُّ اليَدِ والأنامِلِ وحَرْقُ الأسْنانِ ونَحْوُ ذَلِكَ كِنايَةٌ عَنِ الغَيْظِ والحَسْرَةِ لِأنَّها مِن رَوادِفِهِما، فَتُذْكَرُ الرّادِفَةُ دَلالَةً عَلى المَرْدُوفِ فَيَرْتَفِعُ الكَلامُ في طَبَقَةِ الفَصاحَةِ إلى حَدٍّ يَجِدُ السّامِعُ عِنْدَهُ في نَفْسِهِ مِنَ الرَّوْعَةِ والِاسْتِحْسانِ ما لا يَجِدُهُ عِنْدَ المُكَنّى عَنْهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب