الباحث القرآني

﴿والخامِسَةَ﴾ مِنَ الشَّهاداتِ ﴿أنَّ غَضَبَ اللَّهِ﴾ الَّذِي لَهُ الأمْرُ كُلُّهُ فَلا كُفُؤَ لَهُ ﴿عَلَيْها﴾ وهو أبْلَغُ مِنَ اللَّعْنِ الَّذِي هو الطَّرْدُ، لِأنَّهُ قَدْ يَكُونُ بِسَبَبٍ غَيْرِ الغَضَبِ، وسَبَبُ التَّغْلِيظِ عَلَيْها الحَثُّ عَلى اعْتِرافِها بِالحَقِّ لِما يُعَضِّدُ الزَّوْجَ مِنَ القَرِينَةِ مِن أنَّهُ لا يَتَجَشَّمُ فَضِيحَةَ أهْلِهِ المُسْتَلْزِمِ لِفَضِيحَتِهِ إلّا وهو صادِقُ، ولِأنَّها مادَّةُ الفَسادِ، وهاتِكَةُ الحِجابِ، وخالِطَةُ الأنْسابِ ﴿إنْ كانَ﴾ أيْ كَوْنًا راسِخًا ﴿مِنَ الصّادِقِينَ﴾ أيْ فِيما رَماها بِهِ؛ رَوى البُخارِيُّ في التَّفْسِيرِ وغَيْرُهُ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ وغَيْرِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم «أنَّ (p-٢١٩)هِلالَ بْنَ أُمِّيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَذَفَ امْرَأتَهِ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ بِشَرِيكِ بْنِ سَحْماءَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ:”البَيِّنَةُ وإلّا حَدٌّ في ظَهْرِكَ“، قالَ يا رَسُولَ اللَّهِ! إذا رَأى أحَدُنا عَلى امْرَأتِهِ رَجُلًا يَنْطَلِقُ يَلْتَمِسُ البَيِّنَةَ؟ فَجَعَلَ النَّبِيُّ ﷺ يَقُولُ: البَيِّنَةُ وإلّا حَدٌّ في ظَهْرِكَ، فَقالَ هِلالٌ: والَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ! إنِّي لَصادِقٌ، ولِيَنْزِلَنَّ اللَّهُ ما يُبَرِّئُ ظَهْرِي مِنَ الحَدِّ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ وأنْزَلَ عَلَيْهِ ﴿والَّذِينَ يَرْمُونَ أزْواجَهُمْ﴾ [النور: ٦] فَقَرَأ حَتّى بَلَغَ ﴿إنْ كانَ مِنَ الصّادِقِينَ﴾ فانْصَرَفَ النَّبِيُّ صَلّى اللَّهُ صَلّى عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَأرْسَلَ إلَيْهِما، فَجاءَ هِلالٌ فَشَهِدَ والنَّبِيُّ ﷺ يَقُولُ:”إنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ أنَّ أحَدَكُما كاذِبٌ، فَهَلْ مِنكُما تائِبٌ؟“ثُمَّ قامَتْ فَشَهِدَتْ، فَلَمّا كانَتْ عِنْدَ الخامِسَةِ وقَّفُوها وقالُوا: إنَّها مُوجِبَةٌ، فَتَلَكَّأتْ ونَكَصَتْ حَتّى ظَنَنّا أنَّها تَرْجِعُ، ثُمَّ قالَتْ: لا أفْضَحُ قَوْمِي سائِرَ اليَوْمِ. فَمَضَتْ، وقالَ النَّبِيُّ ﷺ:”أبْصِرُوها فَإنْ جاءَتْ بِهِ أكْحَلَ العَيْنَيْنِ سابِغَ الألْيَتَيْنِ خَدَلَّجَ السّاقِينِ فَهو لِشَرِيكِ بْنِ سَحْماءَ“، فَجاءَتْ بِهِ كَذَلِكَ، فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: لَوْلا ما مَضى مِن كِتابِ اللَّهِ لَكانَ لِي ولَها شَأْنٌ» . وقَدْ رَوى البُخارِيُّ أيْضًا عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنَّ سَبَبَ نُزُولِها قِصَّةٌ مِثْلُ هَذِهِ لِعُوَيْمِرٍ، وقَدْ تَقَدَّمَ أنَّهُ لا يَمْتَنِعُ أنْ يَكُونَ لِلْآيَةِ الواحِدَةِ عِدَّةُ أسْبابٍ (p-٢٢٠)مَعًا أوْ مُتَفَرِّقَةً.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب