الباحث القرآني

ولَمّا كانَ مِن أعْظَمِ الوَعْظِ بَيانُ ما يَسْتَحِقُّ عَلى الذَّنْبِ مِنَ العِقابِ، أدَّبَهم تَأْدِيبًا ثالِثًا أشَدَّ مِنَ الأوَّلَيْنِ، فَقالَ واعِظًا ومُقَبِّحًا لِحالِ الخائِضِينَ في الإفْكِ ومُحَذِّرًا ومُهَدِّدًا: ﴿إنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ﴾ عَبَّرَ بِالحُبِّ إشارَةً إلى أنَّهُ لا يَرْتَكِبُ هَذا مَعَ شَناعَتِهِ إلّا مُحِبٌّ لَهُ، ولا يُحِبُّهُ إلّا بَعِيدٌ عَنِ الِاسْتِقامَةِ ﴿أنْ تَشِيعَ﴾ أيْ تَنْتَشِرَ بِالقَوْلِ أوْ بِالفِعْلِ ﴿الفاحِشَةُ﴾ أيِ الفِعْلَةُ الكَبِيرَةُ القُبْحِ، ويَصِيرُ لَها شِيعَةً يُحامُونَ عَلَيْها (p-٢٣٤)﴿فِي الَّذِينَ آمَنُوا﴾ ولَوْ كانُوا في أدْنى دَرَجاتِ الإيمانِ فَكَيْفَ بِمَن تَسَنَّمَ ذِرْوَتَهُ، وتَبَوَّأ غايَتَهُ ﴿لَهم عَذابٌ ألِيمٌ﴾ رَدْعًا لَهم عَنْ إرادَةِ إشاعَةِ مِثْلِ ذَلِكَ لِما فِيهِ مِن عَظِيمِ الأذى ﴿فِي الدُّنْيا﴾ بِالحَدِّ وغَيْرِهِ مِمّا يَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنهم بِهِ ﴿والآخِرَةِ﴾ فَإنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ هَلْ كَفَّرَ الحَدُّ عَنْهم جَمِيعَ مُرْتَكَبِهِمْ أمْ لا ﴿واللَّهُ﴾ أيِ المُسْتَجْمِعُ لِصِفاتِ الجَلالِ والجَمالِ ﴿يَعْلَمُ﴾ أيْ لَهُ العِلْمُ التّامُّ، فَهو يَعْلَمُ مَقادِيرَ الأشْياءِ ما ظَهَرَ مِنها وما بَطَنَ وما الحِكْمَةُ في سَتْرِهِ أوْ إظْهارِهِ أوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِن جَمِيعِ الأُمُورِ ﴿وأنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾ أيْ لَيْسَ لَكم عِلْمٌ مِن أنْفُسِكم فاعْلَمُوا بِما عَلَّمَكُمُ اللَّهُ، ولا تَتَجاوَزُوهُ تَضِلُّوا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب