الباحث القرآني

ولَمّا كانَ الرَّجُلُ الكامِلُ مَن عَرَفَ الرِّجالُ بِالحَقِّ، بَدَأ بِما أشارَ إلَيْهِ ثُمَّ أعْقَبَهُ بِمَن يُعَرِّفُ الشَّيْءَ لِلْإلْفِ بِهِ، ثُمَّ بِمَن يُعَرِّفُ الحَقَّ بِالرِّجالِ فَقالَ: ﴿أمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ﴾ أيِ الَّذِي أتاهم بِهَذا القَوْلِ الَّذِي لا قَوْلَ مِثْلَهُ، ويَعْرِفُوا نَسَبَهُ وصِدْقَهُ وأمانَتَهُ، وما فاتَهم بِهِ مِن مَعالِي الأخْلاقِ حَتّى أنَّهم لا يَجِدُونَ فِيهِ - إذا حُقَّتِ الحَقائِقُ - نَقِيصَةً يَذْكُرُونَها، ولا صِمَّةَ يَتَخَيَّلُونَها، كَما دَلَّتْ عَلَيْهِ الأحادِيثُ الصِّحاحُ مِنها حَدِيثُ أبِي سُفْيانَ بْنِ حَرْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الَّذِي في أوَّلِ البُخارِيِّ في سُؤالِ هِرَقْلَ مِلْكِ الرُّومِ لَهُ عَنْ شَأْنِهِ ﷺ ﴿فَهُمْ﴾ أيْ فَتَسَبَّبَ عَنْ جَهْلِهِمْ بِهِ أنَّهم ﴿لَهُ﴾ أيْ نَفْسِهِ أوْ لِلْقَوْلِ الَّذِي أتى بِهِ ﴿مُنْكِرُونَ﴾ فَيَكُونُوا مِمَّنْ جَهِلَ الحَقَّ لِجُهِلَ حالَ الآتِي بِهِ، فَلَمْ يُحْرِزْ (p-١٦٦)شَيْئًا مِن رُتْبَتَيِ النّاسِ، لا رُتْبَةَ العُلَماءِ النّاقِدِينَ، ولا رُتْبَةَ الجُهّالِ المُتَقَلِّدَيْنِ، وفي هَذا غايَةُ التَّوْبِيخِ لَهم بِجَهْلِهِمْ وبِعِنادِهِمْ بِأنَّهم يَعْرِفُونَ أنَّهُ أصْدَقُ الخَلْقِ وأعْلاهم في كُلِّ مَعْنًى جَمِيلٍ ثُمَّ يُكَذِّبُونَهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب