الباحث القرآني

ولَمّا كانَ ضَلالُ قَوْمِهِما الَّذِينَ اسْتَنْقَذْناهم مِن عُبُودِيَّةِ فِرْعَوْنَ وقَوْمِهِ أعْجَبَ، وكانَ السّامِعُ مُتَشَوِّفًا إلى ما كانَ مِن أمْرِهِمْ بَعْدَ نَصْرِهِمْ، ذَكَرَ ذَلِكَ مُبْتَدِئًا لَهُ بِحَرْفِ التَّوَقُّعِ مُشِيرًا إلى حالِهِمْ في ضَلالِهِمْ تَسْلِيَةً لِلنَّبِيِّ ﷺ فَقالَ: ﴿ولَقَدْ آتَيْنا﴾ أيْ بِعَظَمَتِنا ﴿مُوسى الكِتابَ﴾ أيِ النّاظِمِ لِمَصالِحِ البَقاءِ الأوَّلِ بَلْ والثّانِي. ولَمّا كانَ كِتابُهم لَمْ يَنْزِلْ إلّا بَعْدَ هَلاكِ فِرْعَوْنَ كَما هو واضِحٌ لِمَن تَأمَّلَ أشْتاتَ قِصَّتِهِمْ في القُرْآنِ، وكانَ حالُ هَلاكِ القِبْطِ مُعَرِّفًا أنَّ الكِتابَ لِبَنِي إسْرائِيلَ، اكْتَفى بِضَمِيرِهِمْ فَقالَ: ﴿لَعَلَّهُمْ﴾ أيْ قَوْمَ مُوسى وهارُونَ عَلَيْهِما السَّلامُ ﴿يَهْتَدُونَ﴾ أيْ لِيَكُونَ حالُهم عِنْدَ مَن لا يَعْلَمُ العَواقِبَ حالَ مَن تُرْجى هِدايَتُهُ، فَأفْهَمَ جَعْلُهم في ذَلِكَ في مَقامِ التَّرَجِّي أنَّ فِيهِمْ مَن لَمْ يَهْتَدِ؛ قالَ ابْنُ كَثِيرٍ: وبَعْدَ أنْ أنْزَلَ التَّوْراةَ لَمْ تَهْلَكْ أُمَّةٌ بِعامَّةٍ بَلْ أمَرَ المُؤْمِنِينَ بِقِتالِ الكافِرِينَ - انْتَهى. ولا يَبْعُدُ عَلى هَذا أنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ في ”لَعَلَّهم“ لِلْقُرُونِ الحادِثَةِ المَدْلُولِ عَلَيْها بِقَوْلِهِ ﴿قُرُونًا﴾ [المؤمنون: ٤٢] ورُبَّما أرْشَدَ إلى ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ولَقَدْ آتَيْنا مُوسى الكِتابَ مِن بَعْدِ (p-١٤٨)ما أهْلَكْنا القُرُونَ الأُولى بَصائِرَ لِلنّاسِ وهُدًى ورَحْمَةً لَعَلَّهم يَتَذَكَّرُونَ﴾ [القصص: ٤٣] وقَدْ خَتَمَ الهَلاكَ العامَّ بِالإغْراقِ كَما فَتَحَ بِهِ، والنَّبِيّانِ اللَّذانِ وقَعَ ذَلِكَ لَهُما دَعا كُلٌّ مِنهُما عَلى مَن عَصاهُ، وكِلاهُما مَثَّلَهُ النَّبِيُّ ﷺ في غَزْوَةِ بَدْرٍ في الشِّدَّةِ عَلى العُصاةِ بِعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الَّذِي أطاعَهُ النِّيلُ وأطاعَ جَيْشَهُ الدَّجْلَةُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب