الباحث القرآني

﴿فَأرْسَلْنا﴾ أيْ فَتَعَقَّبَ إنْشاءَنا لَهم وتَسَبَّبَ عَنْهُ أنْ أرْسَلْنا. ولَمّا كانَ المَقْصُودُ الإبْلاغَ في التَّسْلِيَةِ، عُدِّيَ الفِعْلُ بِ ”فِي“ دَلالَةً عَلى أنَّهُ عَمَّهم بِالإبْلاغِ كَما يَعُمُّ المَظْرُوفُ الظَّرْفَ، حَتّى لَمْ يَدَعْ واحِدًا مِنهم إلّا أبْلَغَ في أمْرِهِ فَقالَ: ﴿فِيهِمْ رَسُولا مِنهُمْ﴾ فَكانَ القِياسُ يَقْتَضِي مُبادَرَتَهم لِاتِّباعِهِ لِعِلْمِهِمْ بِما حَلَّ بِمَن قَبْلَهم لِأجْلِ التَّكْذِيبِ، ولِمَعْرِفَتِهِمْ غايَةَ المَعْرِفَةِ لِكَوْنِ النَّبِيِّ مِنهُمْ، بِما جَعَلْناهُ عَلَيْهِ المَحاسِنَ، وما زَيَّناهُ بِهِ مِنَ الفَضائِلِ، ولِأنَّ عِزَّهُ عَزُّهُمْ، ولِدُعائِهِ لَهم إلى ما لا يَخْفى حُسْنُهُ عَلى عاقِلٍ، ولا يَأْباهُ مُنْصِفٌ؛ ثُمَّ بَيَّنَ ما أرْسَلَ بِهِ بِقَوْلِهِ: ﴿أنِ اعْبُدُوا اللَّهَ﴾ أيْ وحْدَهُ لِأنَّهُ لا مُكافِئَ لَهُ، ولِذا حُفِظَ اسْمُهُ فَكانَ لا سَمِيَّ لَهُ؛ ثُمَّ عَلَّلَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: ﴿ما لَكُمْ﴾ ودَلَّ عَلى الِاسْتِغْراقِ بِقَوْلِهِ: ﴿مِن إلَهٍ غَيْرُهُ﴾ ولَمّا كانَتِ المَثُلاتُ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمْ في المُكَذِّبِينَ، وأناخَتْ صُرُوفَها بِالظّالِمِينَ، فَتَسَبَّبَ عَنْ عَمَلِهِمْ بِذَلِكَ إنْكارَ قِلَّةِ مُبالاتِهِمْ في عَدَمِ تَحَرُّزِهِمْ مِن مِثْلِ مَصارِعِهِمْ، قالَ: ﴿أفَلا تَتَّقُونَ﴾ أيْ تَجْعَلُونَ (p-١٣٨)لَكم وِقايَةً مِمّا يَنْبَغِي الخَوْفُ مِنهُ فَتَجْعَلُوا وِقايَةً تَحُولُ بَيْنَكم وبَيْنَ سُخْطِ اللَّهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب