الباحث القرآني

﴿فَقالَ﴾ أيْ فَتَسَبَّبَ عَنْ ذَلِكَ أنْ كَذَّبُوهُ فَقالَ: ﴿المَلأُ﴾ أيِ الأشْرافُ الَّذِينَ تَمْلَأُ رُؤْيَتُهُمُ الصُّدُورَ عَظَمَةً. ولَمّا كانَ أهْلُ الإيمانِ كُلُّهم إذْ ذاكَ قَبِيلَةً واحِدَةً لِاجْتِماعِهِمْ في لِسانٍ واحِدٍ قَدَّمَ قَوْلَهُ: ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ أيْ بِاللَّهِ لِأنَّ التَّسْلِيَةَ بِبَيانِ التَّكْذِيبِ أتَمُّ، والصِّلَةُ هُنا قَصِيرَةٌ لا يَحْصُلُ بِها لَبْسٌ ولا ضَعْفٌ في النَّظْمِ بِخِلافِ ما يَأْتِي، وكَأنَّ أفْخاذَهم كانَتْ مُتَمايِزَةً فَزادَ في الشَّناعَةِ عَلَيْهِمْ بِأنْ عَرَّفَ أنَّهم مِن أقْرَبِ النّاسِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: ﴿مِن قَوْمِهِ ما هَذا﴾ أيْ نُوحٌ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ ﴿إلا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ﴾ أيْ فَلا يَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ، فَأنْكَرُوا أنْ يَكُونَ بَعْضُ البَشَرِ نَبِيًّا، ولَمْ يُنْكِرُوا أنْ يَكُونَ بَعْضُ الطِّينِ إنْسانًا، وبَعْضُ الماءِ عَلَقَةً، وبَعْضُ العَلَقَةِ مُضْغَةً - إلى آخِرِهِ، فَكَأنَّهُ قِيلَ: فَما حَمَلَهُ عَلى ذَلِكَ؟ فَقالُوا: ﴿يُرِيدُ أنْ يَتَفَضَّلَ﴾ أيْ يَتَكَلَّفُ الفَضْلَ بِادِّعاءِ مِثْلِ هَذا ﴿عَلَيْكُمْ﴾ لِتَكُونُوا أتْباعًا لَهُ، ولا خُصُوصِيَّةَ لَهُ بِهِ دُونَكم. ولَمّا كانَ التَّقْدِيرُ: فَلَمْ يُرْسِلْهُ اللَّهُ كَما ادَّعى، عَطَفَ عَلَيْهِ قَوْلَهُمْ: ﴿ولَوْ شاءَ اللَّهُ﴾ أيِ المَلِكُ الأعْلى الإرْسالَ إلَيْكم وعَدَمَ عِبادَةِ غَيْرِهِ ﴿لأنْـزَلَ﴾ لِذَلِكَ ﴿مَلائِكَةً﴾ وما عَلِمُوا أنَّ القادِرَ عَلى تَفْضِيلِ بَعْضِ الجَواهِرِ بِجَعْلِها مَلائِكَةً قادِرٌ عَلى تَفْضِيلِ ما شاءَ ومَن شاءَ بِما (p-١٣٢)يَشاءُ مِنَ المَلائِكَةِ وغَيْرِها. ولَمّا كانَ هَذا مُتَضَمِّنًا لِإنْكارِ رِسالَةِ البَشَرِ، صَرَّحُوا بِهِ في قَوْلِهِمْ كَذِبًا وبُهْتانًا كَما كَذَّبَ فِرْعَوْنُ وآلُهُ حِينَ قالُوا مِثْلَ هَذا القَوْلِ وكَذِبُهُمُ المُؤْمِنَ بِرِسالَةِ يُوسُفَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: ﴿ما سَمِعْنا بِهَذا﴾ أيْ بِإرْسالِ نَبِيٍّ مِنَ البَشَرِ يَمْنَعُ أنْ يُعْبَدَ غَيْرُ اللَّهِ بِقَصْدِ التَّقْرِيبِ إلَيْهِ، فَجَعَلُوا الإلَهَ حَجَرًا، وأحالُوا كَوْنَ النَّبِيِّ بَشَرًا ﴿فِي آبائِنا الأوَّلِينَ﴾ ولا سَمِعْنا بِما دَعا إلَيْهِ مِنَ التَّوْحِيدِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب