الباحث القرآني

ثُمَّ قَيَّدَهم بِما يَلْزَمُ مِنَ الصِّدْقِ في الإيمانِ فَقالَ: ﴿الَّذِينَ هُمْ﴾ أيْ بِضَمائِرِهِمْ وظَواهِرِهِمْ ﴿فِي صَلاتِهِمْ﴾ أُضِيفَتْ إلَيْهِمْ تَرْغِيبًا لَهم في (p-١٠٦)حِفْظِها، لِأنَّها بَيْنَهم وبَيْنَ اللَّهِ تَعالى، وهو غَنِيٌّ عَنْها، فَهُمُ المُنْتَفِعُونَ بِها ﴿خاشِعُونَ﴾ أيْ أذِلّاءُ ساكِنُونَ مُتَواضِعُونَ مُطْمَئِنُّونَ قاصِرُونَ بَواطِنُهم وظَواهِرُهم عَلى ما هم فِيهِ؛ قالَ الرّازِي: خائِفُونَ خَوْفًا يَمْلَأُ القَلْبَ حُرْمَةً، والأخْلاقَ تَهْذِيبًا، والأطْرافَ تَأْدِيبًا، أيْ خَشْيَةَ أنْ تُرَدَّ عَلَيْهِمْ صَلاتُهُمْ، ومِن ذَلِكَ خَفْضُ البَصَرِ إلى مَوْضِعِ السُّجُودِ، قالَ الرّازِي: فالعَبْدُ إذا دَخَلَ في الصَّلاةِ رَفَعَ الحِجابَ، وإذا التَفَتَ أرْخى، قالَ: وهو خَوْفٌ مَمْزُوجٌ بِتَيَقُّظٍ واسْتِكانَةٍ، ثُمَّ قَدْ يَكُونُ في المُعامَلَةِ إيثارًا ومُجامَلَةً وإنْصافًا ومَعْدَلَةً، وفي الخِدْمَةِ حُضُورًا واسْتِكانَةً. وفي السِّرِّ تَعْظِيمًا وحَياءً وحُرْمَةً، والخُشُوعَ في الصَّلاةِ بِجَمْعِ الهِمَّةِ لَها، والإعْراضِ عَمّا سِواها، وذَلِكَ بِحُضُورِ القَلْبِ والتَّفَهُّمِ والتَّعْظِيمِ والهَيْبَةِ والرَّجاءِ والحَياءِ، وإذا كانَ هَذا حالَهم في الصَّلاةِ الَّتِي هي أقْرَبُ القُرُباتِ. فَهم بِهِ فِيما سِواها أوْلى. قالَ ابْنُ كَثِيرٍ: والخُشُوعُ في الصَّلاةِ إنَّما يَحْصُلُ لِمَن فَرَّغَ قَلْبَهُ لَها، واشْتَغَلَ بِها عَمّا عَداها، وآثَرَها عَلى غَيْرِها، وحِينَئِذٍ تَكُونُ راحَةً لَهُ وقُرَّةَ عَيْنٍ «وجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي في الصَّلاةِ» رَواهُ أحْمَدُ والنَّسائِيُّ عَنْ أنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «يا بِلالُ! أرِحْنا بِالصَّلاةِ» - رَواهُ أحْمَدُ عَنْ رَجُلٍ مِن أسْلَمَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب