الباحث القرآني

ولَمّا ذَكَرَ سُبْحانَهُ أصْلَ الآدَمِيِّ الأوَّلَ الَّذِي هو الطِّينُ الَّذِي شَرَّفَهُ بِهِ لِجَمْعِهِ الطَّهُورَيْنِ، وعَبَّرَ فِيهِ بِالخَلْقِ لِما فِيهِ مِنَ الخَلْطِ، لِأنَّ الخَلْقَ - كَما مَرَّ عَنِ الحَرالِيِّ في أوَّلِ البَقَرَةِ: تَقْدِيرُ أمْشاجِ ما يُرادُ إظْهارُهُ بَعْدَ الِامْتِزاجِ والتَّرْكِيبِ صُورَةً، مَعَ أنَّهُ لَيْسَ مِمّا يَجْرِي عَلى حِكْمَةِ التَّسْبِيبِ الَّتِي نَعْهَدُها أنْ يَكُونَ مِنَ الطِّينِ إنْسانٌ، أتْبَعُهُ سُبْحانَهُ أصْلَهُ الثّانِيَ الَّذِي هو أطْهَرُ الطَّهُورَيْنِ: الماءُ الَّذِي مِنهُ كُلُّ شَيْءٍ حَيٍّ، مُعَبِّرًا عَنْهُ بِالجَعْلِ لِأنَّهُ كَما مَرَّ أيْضًا إظْهارُ أمْرِ سَبَبٍ وتَصْيِيرٍ، وما هو مِنَ الطِّينِ (p-١١٥)مِمّا يَتَسَبَّبُ عَنْهُ مِنَ الماءِ ويَسْتَجْلِبُ مِنهُ وهو بَسِيطٌ لا خَلْطَ فِيهِ فَلا تَخْلِيقَ لَهُ، وعَبَّرَ بِأداةِ التَّراخِي لِأنَّ جَعْلَ الطِّينِ ماءً مُسْتَبْعَدٌ جِدًّا فَقالَ: ﴿ثُمَّ جَعَلْناهُ﴾ أيِ الطِّينَ أوْ هَذا النَّوْعَ المَسْلُولَ مِنَ المَخْلُوقِ مِنَ الطِّينِ بِتَطْوِيرِ أفْرادِهِ بِبَدِيعِ الصُّنْعِ ولَطِيفِ الوَضْعِ ﴿نُطْفَةً﴾ أيْ ماءً دافِقًا لا أثَرَ لِلطِّينِ فِيهِ ﴿فِي قَرارٍ﴾ أيْ مِنَ الصُّلْبِ والتَّرائِبِ ثُمَّ الرَّحِمِ، مَصْدَرٌ جُعِلَ اسْمًا لِلْمَوْضِعِ ﴿مَكِينٍ﴾ أيْ مانِعٍ مِنَ الأشْياءِ المُفْسِدَةِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب