الباحث القرآني
﴿الَّذِينَ يَرِثُونَ الفِرْدَوْسَ﴾ الَّتِي هي أعْلى الجَنَّةِ، وهي في الأصْلِ البُسْتانُ العَظِيمُ الواسِعِ، يَجْمَعُ مَحاسِنَ النَّباتِ والأشْجارِ مِنَ العِنَبِ وما ضاهاهُ مِن كُلِّ ما يَكُونُ في البَساتِينِ والأوْدِيَةِ الَّتِي تَجْمَعُ ضُرُوبًا مِنَ النَّبْتِ: فَيَحُوزُونَ مِنها بَعْدَ البَعْثِ ما أعَدَّ اللَّهُ لَهم فِيها مِنَ المَنازِلِ وما كانَ أعَدَّ لِلْكَفّارِ لَوْ آمَنُوا أوْ لَمْ يَخْرُجُوا بِخُرُوجِ أبَوَيْهِمْ مِنَ الجَنَّةِ ﴿هُمْ﴾ خاصَّةً ﴿فِيها﴾ أيْ لا في غَيْرِها ﴿خالِدُونَ﴾ وهَذِهِ الآياتُ أجْمَعُ ما ذُكِرَ في وصْفِ المُؤْمِنِينَ، رَوى الإمامُ أحْمَدُ في مَسْنَدِهِ والتِّرْمِذِيُّ في التَّفْسِيرِ مِن جامِعِهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قالَ: «كانَ إذا نَزَلَ عَلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ الوَحْيُ يُسْمَعُ عِنْدَ وجْهِهِ كَدَوِيِّ النَّحْلِ فَنَزَلَ عَلَيْهِ يَوْمًا فَمَكَثْنا ساعَةً فاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ (p-١١١)ورَفَعَ يَدَيْهِ فَقالَ: اللَّهُمَّ زِدْنا ولا تَنْقُصْنا، وأكْرِمْنا ولا تُهِنّا، وأعْطِنا ولا تَحْرِمْنا، وآثِرْنا ولا تُؤْثِرْ عَلَيْنا، وارْضَ عَنّا وأرْضِنا، ثُمَّ قالَ: لَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ عَشْرُ آياتٍ مَن أقامَهُنَّ دَخَلَ الجَنَّةَ، ثُمَّ قَرَأ ﴿قَدْ أفْلَحَ المُؤْمِنُونَ﴾ [المؤمنون: ١] حَتّى خَتَمَ العَشْرَ»
- ورَواهُ النَّسائِيُّ في الصَّلاةِ وقالَ: مُنْكِرٌ لا يُعْرَفُ أحَدٌ رَواهُ غَيْرُ يُونُسَ بْنِ سَلِيمٍ ويُونُسُ لا نَعْرِفُهُ، وعَزى أبُو حَيّانَ آخِرَ الحَدِيثِ لِلْحاكِمِ في المُسْتَدْرَكِ.
وقالَ الإمامُ أبُو جَعْفَرِ بْنُ الزُّبَيْرِ: فَصَّلَ في افْتِتاحِها ما أجْمَلَ في قَوْلِهِ تَعالى ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا واسْجُدُوا واعْبُدُوا رَبَّكم وافْعَلُوا الخَيْرَ﴾ [الحج: ٧٧] وأعْلَمَ بِما يَنْبَغِي لِلرّاكِعِ والسّاجِدِ التِزامُهُ مِنَ الخُشُوعِ، ولِالتِحامِ الكَلامَيْنِ ما ورَدَ الأوَّلُ أمْرًا والثّانِي مُدْحَةً وتَعْرِيفًا بِما بِهِ كَمالُ الحالِ، وكَأنَّهُ لَمّا أمَرَ المُؤْمِنِينَ، وأطْمَعَ بِالفَلاحِ جَزاءً لِامْتِثالِهِ، كانَ مَظِنَّةً لِسُؤالِهِ عَنْ تَفْصِيلِ ما أمَرَ بِهِ مِنَ العِبادَةِ وفِعْلِ الخَيْرِ الَّذِي بِهِ يَكْمُلُ فَلاحُهُ فَقِيلَ لَهُ: المُفْلِحُ مَنِ التَزَمَ كَذا وكَذا، وذَكَرَ سَبْعَةَ أضْرُبٍ مِنَ العِبادَةِ هي أُصُولٌ لِما وراءَها ومُسْتَتْبِعَةٌ سائِرَ التَّكالِيفِ، وقَدْ بَسَطَ حُكْمَ كُلِّ عِبادَةِ مِنها وما يَتَعَلَّقُ بِها في الكِتابِ والسُّنَّةِ؛ ولَمّا كانَتِ المُحافَظَةُ عَلى الصَّلاةِ مُنافِرَةً إتْيانَ المَأْثَمِ جُمْلَةً ﴿إنَّ الصَّلاةَ (p-١١٢)تَنْهى عَنِ الفَحْشاءِ والمُنْكَرِ﴾ [العنكبوت: ٤٥] لِذَلِكَ ما خُتِمَتْ بِها هَذِهِ العِباداتُ بَعْدَ التَّنْبِيهِ عَلى مَحَلِّ الصَّلاةِ مِن هَذِهِ العِبادَةِ بِذِكْرِ الخُشُوعِ فِيها أوَّلًا، واتَّبَعَتْ هَذِهِ الضُّرُوبَ السَّبْعَةَ بِذِكْرِ أطْوارٍ سَبْعَةٍ يَتَقَلَّبُ فِيها الإنْسانُ قَبْلَ خُرُوجِهِ إلى الدُّنْيا فَقالَ تَعالى ﴿ولَقَدْ خَلَقْنا الإنْسانَ مِن سُلالَةٍ مِن طِينٍ﴾ [المؤمنون: ١٢] - إلى قَوْلِهِ: ﴿ثُمَّ أنْشَأْناهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبارَكَ اللَّهُ أحْسَنُ الخالِقِينَ﴾ [المؤمنون: ١٤] وكَأنْ قَدْ قِيلَ لَهُ: إنَّما كَمُلَ خَلْقُكَ وخُرُوجُكَ إلى الدُّنْيا بَعْدَ هَذِهِ التَّقَلُّباتِ السَّبْعَةِ. وإنَّما تَتَخَلَّصُ مِن دُنْياكَ بِالتِزامِ هَذِهِ العِباداتِ السَّبْعِ، وقَدْ وقَعَ عَقِبَ هَذِهِ الآياتِ قَوْلُهُ تَعالى ﴿ولَقَدْ خَلَقْنا فَوْقَكم سَبْعَ طَرائِقَ﴾ [المؤمنون: ١٧] ولَعَلَّ ذَلِكَ مِمّا يُقَرِّرُ هَذا الِاعْتِبارَ ووارِدٌ لِمُناسَبَتِهِ - واللَّهُ أعْلَمُ، وكَما أنَّ صَدْرَ هَذِهِ السُّورَةِ مُفَسِّرٌ لِما أُجْمِلَ في الآياتِ قَبْلَها فَكَذا الآياتُ بَعْدُ مُفَصِّلَةٌ لِمُجْمَلِ ما تَقَدَّمَ في قَوْلِهِ تَعالى ﴿يا أيُّها النّاسُ إنْ كُنْتُمْ في رَيْبٍ مِنَ البَعْثِ فَإنّا خَلَقْناكم مِن تُرابٍ ثُمَّ مِن نُطْفَةٍ﴾ [الحج: ٥] وهَذا كافٍ في التِحامِ السُّورَتَيْنِ واللَّهُ سُبْحانَهُ المُسْتَعانُ - انْتَهى.
{"ayah":"ٱلَّذِینَ یَرِثُونَ ٱلۡفِرۡدَوۡسَ هُمۡ فِیهَا خَـٰلِدُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق