الباحث القرآني

﴿ثانِيَ عِطْفِهِ﴾ أيْ رَخِيَّ البالِ مُعْرِضًا مُتَكَبِّرًا مُتَماثِلًا لاوِيًا عُنُقَهُ لِذَلِكَ كَما قالَ تَعالى ﴿وإذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا ولّى مُسْتَكْبِرًا﴾ [لقمان: ٧] والعِطْفُ في الأصْلِ الجانِبُ ومَوْضِعُ المَيْلِ. ولَمّا دَلَّ السِّياقُ عَلى أنَّهُ أكْثَفُ الأقْسامِ طَبْعًا، عَبَّرَ عَنْ قَصْدِهِ بِقَوْلِهِ: ﴿لِيُضِلَّ﴾ أيْ غَيْرَهُ ﴿عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ إفْهامًا لِذَلِكَ، لِأنَّ هَذا لا يَقْصِدُهُ عاقِلٌ، فالقِسْمُ الأوَّلُ تابِعٌ ضالٌّ، وهَذا داعٍ لِأهْلِ الضَّلالِ، هَذا عَلى قِراءَةِ الضَّمِّ لِلْجُمْهُورِ، وعَلى قِراءَةِ الفَتْحِ لِابْنِ كَثِيرٍ وأبِي عَمْرٍو ورُوَيْسٍ عَنْ يَعْقُوبَ بِخِلافٍ عَنْهُ مَن ضَلَّ، تَكُونُ مِن بابِ التَّهَكُّمِ كَما تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ، أيْ إنَّهُ مِنَ الحِذْقِ بِحَيْثُ لا يَذْهَبُ عَلَيْهِ أنَّ هَذا ضَلالٌ، فَما وصَلَ إلَيْهِ إلّا بِقَصْدِهِ لَهُ. ولَمّا ذَكَرَ فِعْلَهُ وثَمَرَتَهُ، ذَكَرَ ما أعَدَّ لَهُ عَلَيْهِ فَقالَ: ﴿لَهُ في الدُّنْيا خِزْيٌ﴾ أيْ إهانَةٌ وذُلٌّ وإنْ طالَ زَمَنُ اسْتِدْراجِهِ (p-١٦)بِتَنْعِيمِهِ «حَقٌّ عَلى اللَّهِ أنْ لا يَرْفَعَ شَيْئًا مِنَ الدُّنْيا إلّا وضَعَهُ» ﴿ونُذِيقُهُ﴾ أيْ بِما لَنا مِنَ العَظَمَةِ ﴿يَوْمَ القِيامَةِ﴾ الَّذِي يَجْمَعُ فِيهِ الخَلائِقَ بِالإحْياءِ بَعْدَ المَوْتِ ﴿عَذابَ الحَرِيقِ﴾ أيْ بِجَعْلِهِ يُحِسُّ بِألَمِ العَذابِ بِالحَرِيقِ كَما يُحِسُّ الذّائِقُ بِالشَّيْءِ كَما أحْرَقَ قُلُوبَ المُهْتَدِينَ بِجِدالِهِ بِالباطِلِ، ويُقالُ حَقِيقَةً أوْ مَجازًا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب