الباحث القرآني

ولَمّا أخْبَرَ سُبْحانَهُ أنَّ الشَّكَّ لا يَزالُ ظَرْفًا لَهم - لِما يُلْقِي الشَّيْطانُ مِن شُبَهِهِ في قُلُوبِهِمُ القابِلَةِ لِذَلِكَ بِما لَها مِنَ المَرَضِ وما فِيها مِنَ الفَسادِ إلى إتْيانِ السّاعَةِ، وعَقَّبَ ذَلِكَ بِما ذَكَرَ مِنَ الحِكَمِ المُفَصَّلَةِ، والأحْكامِ المُشَرَّفَةِ المُفَضَّلَةِ، إلى أنْ خَتَمَ بِأنَّهُ وحْدَهُ الحَكَمُ في السّاعَةِ، مُرَهِّبًا مِن تَمامِ عِلْمِهِ وشُمُولِ قُدْرَتِهِ، قالَ مُعَجِّبًا مِمَّنْ لا يَنْفَعُهُ المَوْعِظَةُ ولا يَجُوزُ الواجِبُ وهو يُوجِبُ المُحالَ، عاطِفًا عَلى ﴿ولا يَزالُ﴾ [الحج: ٥٥] ﴿ويَعْبُدُونَ﴾ أيْ عَلى سَبِيلِ التَّجْدِيدِ والِاسْتِمْرارِ ﴿مِن دُونِ اللَّهِ﴾ أيْ مِن أدْنى رُتْبَةٍ مِن رُتَبِ الَّذِي قامَتْ جَمِيعُ الدَّلائِلِ عَلى احْتِوائِهِ عَلى جَمِيعِ صِفاتِ الكَمالِ، وتُنَزِّهِهِ عَنْ شَوائِبِ النَّقْصِ ﴿ما لَمْ يُنَـزِّلْ بِهِ سُلْطانًا﴾ (p-٩٣)أيْ حُجَّةً واحِدَةً مِنَ الحُجَجِ. ولَمّا كانَ قَدْ يَتَوَهَّمُ أنَّ عَدَمَ إنْزالِ السُّلْطانِ لا يَنْفِيهِ، قالَ مُزِيلًا لِهَذا الوَهْمِ: ﴿وما لَيْسَ لَهم بِهِ عِلْمٌ﴾ أيْ أصْلًا ﴿وما﴾ أيْ والحالُ أنَّهم ما لَهُمْ، ولَكِنَّهُ أظْهَرَ إشارَةً إلى الوَصْفِ الَّذِي اسْتَحَقُّوا بِهِ الهَلاكَ فَقالَ: ﴿لِلظّالِمِينَ﴾ أيِ الَّذِينَ وضَعُوا التَّعَبُّدَ في غَيْرِ مَوْضِعِهِ بِارْتِكابِهِمْ لِهَذا الأمْرِ العَظِيمِ الخَطِرِ؛ وأكَّدَ النَّفْيَ واسْتَغْرَقَ المَنفِيَّ بِإثْباتِ الجارِّ فَقالَ: ﴿مِن نَصِيرٍ﴾ أيْ يَنْصُرُهم مِنَ اللَّهِ، لا مِمّا أشْرَكُوهُ بِهِ ولا مِن غَيْرِهِ، لا في مُدافَعَةٍ عَنْهم ولا في إثْباتِ حُجَّةٍ لِمَذاهِبِهِمْ، فَنَفى أنْ يَكُونَ أحَدٌ يُمْكِنُهُ أنْ يَأْتِيَ بِنُصْرَةٍ تَبْلُغُ القَصْدَ بِأنْ يَغْلِبَ المَنصُورُ عَلَيْهِ، وأمّا مُطْلَقُ نَصْرِ لا يُفِيدُ بِما تَقَدَّمَ مِن شُبَهِ الشَّيْطانِ فَلا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب