الباحث القرآني

ولَمّا كانُوا مِنَ الكَثْرَةِ والقُوَّةِ بِمَكانٍ كانَ كَأنَّهُ قِيلَ: كَيْفَ يُغْلَبُونَ؟ فَقالَ جَوابًا عَنْ ذَلِكَ: ﴿المُلْكُ يَوْمَئِذٍ﴾ أيْ يَوْمَ إذْ يَأْتِيهِمْ ذَلِكَ إمّا في القِيامَةِ أوْ في الدُّنْيا ﴿لِلَّهِ﴾ أيِ المُحِيطِ بِجَمِيعِ صِفاتِ الكَمالِ وحَدَّ بِتَغْلِيبِ اسْمِهِ الظّاهِرِ، بِأنْ يَجْرِيَ أمْرُهُ فِيهِ عَلى غَيْرِ الأسْبابِ الَّتِي تَعْرِفُونَها. ولَمّا كانَ كَأنَّهُ قِيلَ: ما مَعْنى اخْتِصاصِهِ بِهِ وكُلُّ الأيّامِ لَهُ؟ قِيلَ: ﴿يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ﴾ أيْ بَيْنَ المُؤْمِنِينَ والكافِرِينَ بِالأمْرِ الفَيْصَلِ، لا حُكْمَ فِيهِ ظاهِرًا ولا باطِنًا لِغَيْرِهِ، كَما تَرَوْنَهُ الآنَ، بَلْ يَمْشِي فِيهِ الأمْرُ عَلى أتَمِّ قَوانِينِ العَدْلِ، ولِذَلِكَ سَبَّبَ ظُهُورُ العَدْلِ عَنْهُ قَوْلَهُ مُفَصَّلًا بادِئًا. إظْهارًا لِتَفَرُّدِهِ بِالحُكْمِ بِإكْرامِ مَن كانُوا قاطِعِينَ بِهَوانِهِمْ في الدّارَيْنِ (p-٧٦)مَعَ أنَّ تَقْدِيمَهم أوْفَقُ لِمَقْصُودِ السُّورَةِ: ﴿فالَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا﴾ أيْ وصَدَقُوا دَعْواهُمُ الإيمانَ بِأنْ عَمِلُوا ﴿الصّالِحاتِ﴾ وهي ما أمَرَهُمُ اللَّهُ بِهِ. ولَمّا كانَتْ إثابَتُهُ تَعالى لِأهْلِ طاعَتِهِ تَفَضُّلًا مِنهُ، نَبَّهَ عَلى ذَلِكَ بِإعْراءِ الخَبَرِ عَنِ الفاءِ السَّبَبِيَّةِ بِخِلافِ ما يَأْتِي في حَقِّ الكُفّارِ فَقالَ: ﴿فِي جَنّاتِ النَّعِيمِ﴾ في الدُّنْيا مَجازًا، لِمَآلِهِمْ إلَيْهِمْ مَعَ ما يَجِدُونَهُ مِن لَذَّةِ المُناجاةِ واسْتِشْعارِ القُرْبِ وفي الآخِرَةِ حَقِيقَةٌ بِما رَحِمَهُمُ اللَّهُ بِهِ مِن تَوْفِيقِهِمْ لِلْأعْمالِ الصّالِحَةِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب