الباحث القرآني

ولَمّا كانَتْ هَذِهِ الأُمَمُ السَّبْعَةُ أكْثَرَ أهْلِ الأرْضِ، بَلْ كانَتْ أُمَّةٌ (p-٦٢)مِنهم أهْلَ الأرْضِ كَما مَضى بَيانُهُ في الأعْرافِ، فَكَيْفَ بِمَن عَداهم مِمَّنْ كانَ في أزْمانِهِمْ وبَعْدِهِمْ، وأخْبَرَ سُبْحانَهُ وتَعالى أنَّ عادَتَهُ فِيهِمُ الإمْلاءُ ثُمَّ الإهْلاكُ، تَسَبَّبَ عَنْ ذَلِكَ تَهْوِيلُ الإخْبارِ عَنْهم وتَكْثِيرُهُمْ، فَقالَ تَعالى شارِحًا لِلْأخْذِ والإمْهالِ عَلى طَرِيقِ النَّشْرِ المُشَوَّشِ: ﴿فَكَأيِّنْ مِن قَرْيَةٍ أهْلَكْناها﴾ كَهَؤُلاءِ المَذْكُورِينَ وغَيْرِهِمْ، وفي قِراءَةِ الجَماعَةِ غَيْرَ أبِي عَمْرٍو بِالنُّونِ إظْهارًا لِلْعَظَمَةِ ﴿وهِيَ﴾ أيْ والحالُ أنَّها ﴿ظالِمَةٌ فَهِيَ﴾ أيْ فَتَسَبَّبَ عَنْ إهْلاكِها أنَّها ﴿خاوِيَةٌ﴾ أيْ مُتَهَدِّمَةٌ ساقِطَةٌ أيْ جُدْرانُها ﴿عَلى عُرُوشِها﴾ أيْ سُقُوفِها، بِأنْ تَقَصَّفَتِ الأخْشابُ ولا مِن كَثْرَةِ الأمْطارِ، وغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الأسْرارِ، فَسَقَطَتْ ثُمَّ سَقَطَتْ عَلَيْها الجُدْرانُ. أوِ المَعْنى: خالِيَةٌ، قَدْ ذَهَبَتْ أرْواحُها بِذَهابِ سُكّانِها عَلى البَقاءِ سُقُوفُها، لَيْسَتْ مُحْتاجَةٌ إلى غَيْرِ السُّكّانِ ( و ) كَمْ مِن ”بِئْر مُعَطِّلَة“ مِن أهْلِها مَعَ بَقاءِ بِنائِها، وفَوَرانِ مائِها ﴿وقَصْرٍ مَشِيدٍ﴾ أيْ عالٍ مُتْقَنٍ مُجَصَّصٍ لِأنَّهُ لا يُشَيَّدُ - أيْ يُجَصَّصُ - إلّا الَّذِي يُقْصَدُ رَفْعُهُ، فَحَلَّتِ القُصُورُ مِن أرْبابِها، وأقْفَرَتْ مُوحِشَةً مِن جَمِيعٍ أصاحِبِها، بَعْدَ كَثْرَةِ التَّضامِّ في نَوادِيها، وعُطِّلَتِ الآبارُ مِن وُرّادِها (p-٦٣)بَعْدَ الِازْدِحامِ بَيْنَ رائِحِها وِغادِيها، دانِيَةً ونائِيَةً، حاضِرَةً وبادِيَةً؛ ولَمّا كانَ خَرابُ المُشَيَّدِ يُوهِي مِن أرْكانِهِ، ويَخْلَقُ مِن جُدْرانِهِ، لَمْ يَحْسُنِ التَّشْدِيدُ في وصْفِ القَصْرِ، كَما حَسُنَ في وصْفِ البِئْرِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب