الباحث القرآني

ثُمَّ بَيَّنَ عَلاماتِهِمْ فَقالَ: ﴿الَّذِينَ إذا ذُكِرَ اللَّهُ﴾ أيِ الَّذِي لَهُ الجَلالُ والجَمالُ ﴿وجِلَتْ﴾ أيْ خافَتْ خَوْفًا مُزْعِجًا ﴿قُلُوبُهُمْ﴾ ولَمّا كانَ في ذِكْرِ الحَجِّ، وكانَ ذَلِكَ مَظِنَّةً لِكَثْرَةِ الخُلْطَةِ المُوجِبَةِ لِكَثْرَةِ الأنْكادِ ولا سِيَّما وقَدْ كانَ أكْثَرُ المُخالِطِينَ مُشْرِكِينَ، لِأنَّ السُّورَةَ مَكِّيَّةٌ، قالَ عاطِفًا غَيْرَ مُتْبِعٍ، إيذانًا بِالرُّسُوخِ في الأوْصافِ: ﴿والصّابِرِينَ﴾ الَّذِينَ صارَ الصَّبْرُ عادَتَهم ﴿عَلى ما أصابَهُمْ﴾ (p-٤٩)كائِنًا ما كانَ. ولَمّا كانَ ذَلِكَ شاغِلًا عَنِ الصَّلاةِ، قالَ: ﴿والمُقِيمِي الصَّلاةِ﴾ أيْ وإنْ حَصَلَ لَهم مِنَ المَشاقِّ بِأفْعالِ الحَجِّ وغَيْرِهِ ما عَسى أنْ يَحْصُلَ، ولِذَلِكَ عَبَّرَ بِالوَصْفِ دُونَ الفِعْلِ إشارَةً إلى أنَّهُ لا يُقِيمُها عَلى الوَجْهِ المَشْرُوعِ مَعَ تِلْكَ المَشاقِّ والشَّواغِلِ إلّا الأراسِخُ في حُبِّها، فَهم - لِما تَمَكَّنَ مِن حُبِّها في قُلُوبِهِمْ والخَوْفِ مِنَ الغَفْلَةِ عَنْها - كَأنَّهم دائِمًا في صَلاةٍ. ولَمّا كانَ ما يَحْصُلُ فِيهِ مِن زِيادَةِ النَّفَقَةِ رُبَّما كانَ مُقْعِدًا عَنْهُ، رَغَّبَ فِيهِ بِقَوْلِهِ: ﴿ومِمّا رَزَقْناهُمْ﴾ فَهم لِكَوْنِهِ نِعْمَةً مِنّا لا يَبْخَلُونَ بِهِ، ولِأجْلِ عَظَمَتِنا يُحْسِنُونَ ظَنَّ الخَلَفِ ﴿يُنْفِقُونَ﴾ أيْ يُجَدِّدُونَ بَذْلَهُ عَلى الِاسْتِمْرارِ، بِالهَدايا الَّتِي يُغالُونَ في أثْمانِها وغَيْرِ ذَلِكَ، إحْسانًا إلى خَلْقِ اللَّهِ، امْتِثالًا لِأمْرِهِ كالخَبْتِ الباذِلِ لِما يُودِعُهُ تَعالى فِيهِ مِنَ الماءِ والمَرْعى.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب