الباحث القرآني
ولَمّا كانَ التَّقْدِيرُ: جَعَلَ لَكم سُبْحانَهُ هَذِهِ الأشْياءَ مَناسِكَ، عَطَفَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ: ﴿ولِكُلِّ أُمَّةٍ﴾ أيْ مِنَ الأُمَمِ السّالِفَةِ وغَيْرِها ﴿جَعَلْنا﴾ بِعَظْمَتِنا الَّتِي لا يَصِحُّ أنْ تُخالَفَ ﴿مَنسَكًا﴾ أيْ عِبادَةً أوْ مَوْضِعَ عِبادَةٍ أوْ قُرْبانًا، فَإنَّهُ يَكُونُ مَصْدَرَ نَسَكَ - كَنَصَرَ وكَرُمَ - نُسُكًا ومَنسِكًا، ويَكُونُ بِمَعْنى المَوْضِعِ الَّذِي يُعْبَدُ فِيهِ، والَّذِي يُذْبَحُ فِيهِ النُّسُكُ وهو الهَدْيُ، وقالَ ابْنُ كَثِيرٍ: ولَمْ يَزَلْ ذَبْحُ المَناسِكِ وإراقَةُ الدِّماءِ (p-٤٧)عَلى اسْمِ اللَّهِ مَشْرُوعًا في جَمِيعِ المِلَلِ.
ثُمَّ أتْبَعَ هَذا الجَعْلَ عِلَّتَهُ بَيانًا لِأنَّهُ لَيْسَ مَقْصُودًا في نَفْسِهِ فَقالَ: ﴿لِيَذْكُرُوا﴾ ولَمّا كانَ الدِّينُ سَهْلًا سَمْحًا ذا يُسْرٍ، رَضِيَ بِالدُّخُولِ فِيهِ بِالظّاهِرِ فَقالَ: ﴿اسْمَ اللَّهِ﴾ أيِ المَلِكِ الأعْلى وحْدَهُ، عَلى ذَبائِحِهِمْ وقَرابِينِهِمْ وعِبادَتِهِمْ كُلِّها، لِأنَّهُ الرَّزّاقُ لَهم وحْدَهُ؛ ثُمَّ عَلَّلَ الذِّكْرَ بِالنِّعْمَةِ تَنْبِيهًا عَلى التَّفَكُّرِ فِيها فَقالَ: ﴿عَلى ما رَزَقَهُمْ﴾ فَوَجَبَ شُكْرُهُ بِهِ عَلَيْهِمْ ﴿مِن بَهِيمَةِ الأنْعامِ﴾
ولَمّا عُلِمَ أنَّ الشّارِعَ لِجَمِيعِ الشَّرائِعِ الحَقَّةِ واحِدٌ، وأنَّ عِلَّةَ نَصْبِهِ لَها ذِكْرُهُ وحْدَهُ، تَسَبَّبَ عَنْهُ قَوْلُهُ: ﴿فَإلَهُكُمْ﴾ أيِ الَّذِي شَرَعَ هَذِهِ المَناسِكَ كُلَّها. ولَمّا كانَ الإلَهُ ما يَحِقُّ لَهُ الإلَهِيَّةُ بِما تَقَرَّرَ مِن أوْصافِهِ، لا ما سُمِّيَ إلَهًا، قالَ: ﴿إلَهٌ﴾ ووَصَفَهُ بِقَوْلِهِ: ﴿واحِدٌ﴾ أيْ وإنِ اخْتَلَفَتْ فُرُوعُ شَرائِعِهِ ونَسَخَ بَعْضُها بَعْضًا، ولَوِ اقْتَصَرَ عَلى ”واحِدٍ“ لَرُبَّما قالَ مُتَعَنِّتُهُمْ: إنَّ المُرادَ اقْتِصارُنا عَلى واحِدٍ مِمّا نَعْبُدُهُ. والتَفَتَ إلى الخِطابِ لِأنَّهُ أصْرَحُ وأجْدَرُ بِالقَبُولِ.
ولَمّا ثَبَتَ كَوْنُهُ واحِدًا، وجَبَ اخْتِصاصُهُ بِالعِبادَةِ، فَلِذا قالَ: ﴿فَلَهُ﴾ أيْ وحْدَهُ ﴿أسْلِمُوا﴾ أيِ انْقادُوا بِجَمِيعِ ظَواهِرِكم وبَواطِنِكم (p-٤٨)فِي كُلِّ ما أمَرَ بِهِ أوْ نَهى عَنْهُ ناسِخًا كانَ أوْ لا وإنْ لَمْ تَفْهَمُوا مَعْناهُ كَغالِبِ مَناسِكِ الحَجِّ.
ولَمّا أمَرَ بِالإسْلامِ مَن يَحْتاجُ إلى ذَلِكَ إيجادًا أوْ تَكْمِيلًا أوْ إدامَةً، وكانَ الإسْلامُ هو سُهُولَةُ الِانْقِيادِ مِن غَيْرِ كِبْرٍ ولا شَماخَةٍ، وكانَ مَنشَأُ الطُّمَأْنِينَةِ والتَّواضُعِ اللَّذَيْنِ هُما أنْسُبُ شَيْءٍ لِحالِ الحُجّاجِ المُتَجَرِّدِ مِنَ المَخِيطِ المَكْشُوفِ الرَّأْسِ الطّالِبِ لِوَضْعِ أوْزارِهِ، وتَخْفِيفِ آصارِهِ لِسِتْرِ عَوارِهِ أقْبَلَ سُبْحانَهُ وتَعالى عَلى الرَّأْسِ مِنَ المَأْمُورِينَ، الحائِزِ لِما يُمْكِنُ المَخْلُوقِينَ أنْ يَصِلُوا إلَيْهِ مَن رُتَبِ الكَمالِ، وخِلالِ الجَمالِ والجَلالِ، إشارَةً إلى أنَّهُ لا يَلْحَقُهُ أحَدٌ في ذَلِكَ فَقالَ: ﴿وبَشِّرِ المُخْبِتِينَ﴾ أيِ المُتَواضِعِينَ، المُنْكَسِرِينَ، مِنَ الخَبْتِ - لِلْأرْضِ المُنْخَفِضَةِ الصّالِحَةِ لِلِاسْتِطْراقِ وغَيْرِهِ مِنَ المَنافِعِ.
{"ayah":"وَلِكُلِّ أُمَّةࣲ جَعَلۡنَا مَنسَكࣰا لِّیَذۡكُرُوا۟ ٱسۡمَ ٱللَّهِ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّنۢ بَهِیمَةِ ٱلۡأَنۡعَـٰمِۗ فَإِلَـٰهُكُمۡ إِلَـٰهࣱ وَ ٰحِدࣱ فَلَهُۥۤ أَسۡلِمُوا۟ۗ وَبَشِّرِ ٱلۡمُخۡبِتِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











