الباحث القرآني

﴿ذَلِكَ﴾ أيِ الأمْرُ العَظِيمُ الكَبِيرُ ذَلِكَ، فَمَن راعاهُ فازَ، ومَن حادَّ عَنْهُ خابَ؛ ثُمَّ عَطَفَ عَلَيْهِ ما هو أعَمُّ مِن هَذا المُقَدَّرِ فَقالَ: ﴿ومَن﴾ ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ حالًا، أيْ أُشِيرَ إلى الأمْرِ العَظِيمِ والحالُ أنَّهُ مَن ﴿يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللَّهِ﴾ أيْ مَعالِمَ دِينِ المَلِكِ (p-٤٥)الأعْظَمِ الَّتِي نَدَبَ إلَيْها وأمَرَ بِالقِيامِ بِها في الحَجِّ، جَمْعُ شَعِيرَةٍ وهي المَنسِكُ والعَلامَةُ في الحَجِّ، والشَّعِيرَةُ أيْضًا: البَدَنَةُ المُهْداةُ إلى البَيْتِ الحَرامِ، قالَ البَغَوِيُّ: وأصْلُها مِنَ الإشْعارِ وهو إعْلامُها لِيُعْرَفَ أنَّها هَدْيٌ - انْتَهى. ولَعَلَّهُ مَأْخُوذٌ مِنَ الشَّعَرِ لِأنَّها إذا جُرِحَتْ قُطِعَ شَيْءٌ مِن شِعْرِها أوْ أُزِيلَ عَنْ مَحَلِّ الجُرْحِ، فَيَكُونُ مِنَ الإزالَةِ، وتَعْظِيمُها اسْتِحْسانُها، فَتَعْظِيمُها خَيْرٌ لَهُ لِدَلالَتِهِ عَلى تَقْوى قَلْبِهِ ﴿فَإنَّها﴾ أيْ تَعْظِيمُها ﴿مِن﴾ أيْ مُبْتَدِئٌ مِن ﴿تَقْوى القُلُوبِ﴾ الَّتِي مِن شَأْنِها الشُّعُورُ بِما هو أهْلٌ لِأنْ يُعَظَّمَ، فَمُعْظَمُها مُتَّقٍ، وقَدْ عُلِمَ بِما ذَكَرْتُهُ أنَّهُ حُذِفَ مِن هَذِهِ جُمْلَةُ الخَيْرِ ومِن قَوْلِهِ ﴿ومَن يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللَّهِ﴾ [الحج: ٣٠] سَبَبُ كَوْنِهِ خَيْرًا لَهُ، وهو التَّقْوى، ودَلَّ عَلى إرادَتِهِ هُناكَ بِذِكْرِهِ هُنا، وحُذِفَ هُنا كَوْنُ التَّعْظِيمِ خَيْرًا، ودَلَّ عَلَيْهِ بِذِكْرِهِ هُناكَ، فَقَدْ ذَكَرَ في كُلِّ جُمْلَةِ ما دَلَّ عَلى ما حُذِفَ مِنَ الأُخْرى كَما تَقَدَّمَ في ﴿قَدْ كانَ لَكم آيَةٌ في فِئَتَيْنِ﴾ [آل عمران: ١٣] في آلِ عِمْرانَ، وأنَّهُ يُسَمّى الِاحْتِباكَ، وتَفْسِيرِي لِلشَّعائِرِ بِما ذَكَرْتُهُ مِنَ الأمْرِ العامِّ جائِزُ الإرادَةِ، ويَكُونُ إعادَةُ الضَّمِيرِ عَلى نَوْعٍ مِنهُ نَوْعًا مِنَ الِاسْتِخْدامِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب