الباحث القرآني

ولَمّا ذَكَرَ ما لِأحَدِ الخِصْمَيْنِ وهُمُ الكافِرُونَ، أتْبَعَهُ ما لِلْآخَرِ وهُمُ المُؤْمِنُونَ، وغَيَّرَ السِّياقَ بِالتَّأْكِيدِ لِمَن كَأنَّهُ سَألَ عَنْهُ، مُعَظِّمًا لَهُ بِإثْباتِ الِاسْمِ العِلْمِ الجامِعِ إيذانًا بِالِاهْتِمامِ فَقالَ: ﴿إنَّ اللَّهَ﴾ أيِ الَّذِي لَهُ الأمْرُ كُلُّهُ ﴿يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ عَبَّرَ في الإيمانِ بِالماضِي تَرْغِيبًا في المُبادَرَةِ إلى إيقاعِهِ ﴿وعَمِلُوا الصّالِحاتِ﴾ تَصْدِيقًا لِإيمانِهِمْ، وعَبَّرَ بِالماضِي إشارَةً إلى أنَّ مَن عَمِلَ الصّالِحَ انْكَشَفَ لَهُ ما كانَ مَحْجُوبًا عَنْهُ مِن حُسْنِهِ فَأحَبَّهُ ولَمْ يَنْفَكَّ عَنْهُ ﴿جَنّاتٍ تَجْرِي﴾ أيْ دائِمًا ﴿مِن تَحْتِها الأنْهارُ﴾ أيِ المِياهُ الواسِعَةُ، أيْنَما أرَدْتَ مِن أرْضِها جَرى لَكَ نَهْرٌ في مُقابَلَةِ ما يَجْرِي مِن فَوْقٍ رُؤُوسِ أهْلِ النّارِ ﴿يُحَلَّوْنَ فِيها﴾ في مُقابَلَةِ ما يَزالُ مِن بَواطِنِ الكَفَرَةِ وظَواهِرِهِمْ ﴿مِن أساوِرَ﴾ ولَمّا كانَ مَقْصُودُها الحَثَّ عَلى التَّقْوى المُعْلِيَةِ إلى الإنْعامِ بِالفَضْلِ، شَوَّقَ إلَيْهِ بِأغْلى ما نَعْرِفُ مِنَ الحِلْيَةِ فَقالَ: ﴿مِن ذَهَبٍ ولُؤْلُؤًا﴾ وقِراءَةُ نافِعٍ وعاصِمٍ بِنَصْبِهِ دَلِيلٌ عَلى عَطْفِهِ بِالجَرِّ عَلى ”أساوِرَ“ ﴿ولِباسُهم فِيها حَرِيرٌ﴾ في مُقابَلَةِ ثِيابِ الكُفّارِ كَما كانَ لِباسُ الكُفّارِ (p-٣٢)فِي الدُّنْيا حَرِيرًا، ولِباسُ المُؤْمِنِينَ دُونَ ذَلِكَ، وقَدْ ورَدَ في الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم أنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ السَّلامُ قالَ: «لا تَلْبَسُوا الحَرِيرَ فَإنَّ مَن لَبِسَهُ في الدُّنْيا لَمْ يَلْبَسْهُ في الآخِرَةِ» قالَ ابْنُ كَثِيرٍ: قالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ ”ومَن لَمْ يَلْبَسِ الحَرِيرَ في الآخِرَةِ لَمْ يَدْخُلِ الجَنَّةَ“ قالَ تَعالى: ﴿ولِباسُهم فِيها حَرِيرٌ﴾ انْتَهى "وذَلِكَ أنَّ في الصَّحِيحَيْنِ وغَيْرِهِما عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللَّهُ قالَ: «إنَّما يَلْبَسُ هَذِهِ مَن لا خَلاقَ لَهُ في الآخِرَةِ» فَيُوشِكُ لِتَشَبُّهِهِ بِالكُفّارِ في لِباسِهِمْ - أنْ يُلْحِقَهُ اللَّهُ بِهِمْ فَلا يَمُوتُ مُسْلِمًا - واللَّهُ الهادِي.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب