الباحث القرآني
ولَمّا كانَ قَدْ سَخَّرَ لِابْنِهِ سُلَيْمانَ عَلَيْهِ السَّلامُ الرِّيحَ الَّتِي هي أقْوى (p-٤٥٨)مِن بَقِيَّةِ العَناصِرِ قالَ: ﴿ولِسُلَيْمانَ﴾ مُعَبِّرًا بِاللّامِ لِأنَّها كانَتْ تَحْتَ أمْرِهِ لِنَفْعِهِ ولا إبْهامَ في العِبارَةِ ﴿الرِّيحَ﴾ قالَ البَغْوِيُّ: وهي جِسْمٌ لَطِيفٌ يَمْتَنِعُ بِلُطْفِهِ مِنَ القَبْضِ عَلَيْهِ، ويَظْهَرُ لِلْحِسِّ بِحَرَكَتِهِ، وكانَ سُلَيْمانُ عَلَيْهِ السَّلامُ يَأْمُرُ بِالخَشَبِ فَيُضْرَبُ لَهُ، فَإذا حُمِلَ عَلَيْهِ ما يُرِيدُ مِنَ الدَّوابِّ والنّاسِ وآلَةِ الحَرْبِ أمَرَ العاصِفَةَ فَدَخَلَتْ تَحْتَ الخَشَبِ فاحْتَمَلَتْهُ حَتّى إذا اسْتَقَلَّتْ بِهِ أمَرَ الرُّخاءَ تَمُرُّ بِهِ شَهْرًا في غُدْوَتِهِ وشَهْرًا في رَوْحَتِهِ - انْتَهى مُلَخَّصًا. فَكانَ الرِّيحانِ مُسَخَّرَتَيْنِ لَهُ، ولَكِنْ لَمّا كانَ السِّياقُ هُنا لِبَيانِ الإقْدارِ عَلى الأفْعالِ الغَرِيبَةِ الهائِلَةِ، قالَ: ﴿عاصِفَةً﴾ أيْ شَدِيدَةَ الهُبُوبِ، هَذا بِاعْتِبارِ عَمَلِها، ووُصِفَتْ بِالرُّخاءِ بِاعْتِبارِ لُطْفِها بِهِمْ فَلا يَجِدُونَ لَها مَشَقَّةً ﴿تَجْرِي بِأمْرِهِ﴾ إذا أمَرَها غادِيَةً ورائِحَةً ذاهِبَةً إلى حَيْثُ أرادَ وعائِدَةً عَلى حَسَبِ ما يُرِيدُ، آيَةً في آيَةٍ.
ولَمّا كانَ قَدْ عُلِمَ مِمّا مَضى مِنَ القُرْآنِ لِحامِلِهِ المُعْتَنِي بِتَفَهُّمِ مَعانِيهِ، ومَعْرِفَةِ أخْبارِ مَن ذُكِرَ فِيهِ، أنَّهُ مِن بَنِي إسْرائِيلَ، وأنَّ قَرارَهُ بِالأرْضِ المُقَدَّسَةِ فَكانَ مِنَ المَعْلُومِ أنَّهُ يُجْرِيها إلى غَيْرِهِ، وكانَ الحامِلُ إلى مَكانٍ رُبَّما تَعَذَّرَ عَوْدُهُ مَعَ المَحْمُولِ، عَبَّرَ بِحَرْفِ الغايَةِ ذاكِرًا مَحَلَّ القَرارِ دَلالَةً عَلى أنَّها (p-٤٥٩)كَما تَحْمِلُهُ ذَهابًا إلى حَيْثُ أرادَ مِن قاصٍ ودانٍ - تَحْمِلُهُ إلى قَرارِهِ أيّامًا فَقالَ: ﴿إلى الأرْضِ الَّتِي بارَكْنا﴾ أيْ بِعِزَّتِنا ﴿فِيها﴾ وهي الشّامُ ﴿وكُنّا﴾ أيْ أزَلًا وأبَدًا بِإحاطَةِ العَظَمَةِ ﴿بِكُلِّ شَيْءٍ﴾ مِن هَذا وغَيْرِهِ مِن أمْرِهِ وغَيْرِهِ ﴿عالِمِينَ﴾ فَكُنّا عَلى كُلِّ شَيْءٍ قادِرِينَ، فَلَوْلا رِضانا بِهِ لَغَيَّرْناهُ عَلَيْهِ كَما غَيَّرْنا عَلى مَن قَدَّمْنا أُمُورَهُمْ، وهَذا مِن طِرازِ ﴿قالَ رَبِّي يَعْلَمُ القَوْلَ﴾ [الأنبياء: ٤] كَما مَضى، وتَسْخِيرُ الرِّيحِ [لَهُ -] كَما سُخِّرَتْ لِلنَّبِيِّ ﷺ لَيالِيَ الأحْزابِ، قالَ حُذَيْفَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: حَتّى كانَتْ تَقْذِفُهم بِالحِجارَةِ، ما تُجاوِزُ عَسْكَرَهم فَهَزَمَهُمُ اللَّهُ بِها ورُدُّوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنالُوا خَيْرًا.
وأعَمُّ مِن جَمِيعِ ما أعْطى الأنْبِياءَ عَلَيْهِمُ السَّلامُ أنَّهُ أعْطى ﷺ التَّصَرُّفَ في العالَمِ العُلْوِيِّ الَّذِي جَعَلَ سُبْحانَهُ مِنَ الفَيْضِ عَلى العالَمِ السُّفْلِيِّ بِالِاخْتِراقِ لِطِباقِهِ بِالإسْراءِ تارَةً، وبِإمْساكِ المَطَرِ لَمّا دَعا بِسَبْعٍ كَسَبْعِ يُوسُفَ، وبِإرْسالِهِ أُخْرى كَما في أحادِيثَ كَثِيرَةٍ، وأُتِيَ مَعَ ذَلِكَ بِمَفاتِيحِ خَزائِنِ الأرْضِ كُلِّها فَرَدَّها ﷺ.
{"ayah":"وَلِسُلَیۡمَـٰنَ ٱلرِّیحَ عَاصِفَةࣰ تَجۡرِی بِأَمۡرِهِۦۤ إِلَى ٱلۡأَرۡضِ ٱلَّتِی بَـٰرَكۡنَا فِیهَاۚ وَكُنَّا بِكُلِّ شَیۡءٍ عَـٰلِمِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











