الباحث القرآني

ولَمّا كانَ رُبَّما قِيلَ: لِمَ قَدَّمَ إبْراهِيمَ ومَن مَعَهُ عَلى نُوحٍ وهو أبُوهم ومِن أُولِي العَزْمِ، ومُوسى وهارُونَ عَلى إبْراهِيمَ وهو كَذَلِكَ، أشارَ بِقِصَّةِ داوُدَ وسُلَيْمانَ - عَلى جَمِيعِهِمُ الصَّلاةُ والسَّلامُ - إلى أنَّهُ رُبَّما يَفْضُلُ الِابْنُ الأبَ في أمْرٍ، فَرُبَّما قَدَّمَ لِأجْلِهِ وإنْ كانَ لا يَلْزَمُ مِنهُ تَقْدِيمُهُ مُطْلَقًا، مَعَ ما فِيها مِن أمْرِ الحَرْثِ الَّذِي هو أنْسَبُ شَيْءٍ لِما بَعْدَ غَيْضِ الماءِ في قِصَّةِ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلامُ، هَذا في أوَّلِهِ وأمّا في آخِرِهِ فَما يُنْبِتُهُ مِثالٌ لِلدُّنْيا في بَهْجَتِها وغُرُورِها، وانْقِراضِها ومُرُورِها، ومِن تَصْرِيفِ داوُدَ عَلَيْهِ السَّلامُ في الجِبالِ وهي أشَدُّ التُّرابِ الَّذِي هو أقْوى مِنَ الماءِ، وفي الحَدِيدِ وهو أقْوى مِن تُرابِ الجِبالِ، وسُلَيْمانَ عَلَيْهِ السَّلامُ في الرِّيحِ وهي أقْوى مِنَ التُّرابِ فَقالَ: ﴿وداوُدَ﴾ [أيْ أوَّلَ مَن مَلَكَ ابْنُهُ مِن أنْبِياءِ بَنِي إسْرائِيلَ -] ﴿وسُلَيْمانَ﴾ ابْنَهُ، أيِ اذْكُرْهُما واذْكُرْ شَأْنَهُما ﴿إذْ﴾ [أيْ حِينَ -] ﴿يَحْكُمانِ في الحَرْثِ﴾ الَّذِي أنْبَتَ الزَّرْعَ، وهو مِن إطْلاقِ اسْمِ السَّبَبِ عَلى المُسَبَّبِ كالسَّماءِ عَلى المَطَرِ والنَّبْتِ، قِيلَ: كانَ ذَلِكَ كَرْمًا، وقِيلَ: زَرْعًا ﴿إذْ نَفَشَتْ﴾ (p-٤٥٤)أيِ انْتَشَرَتْ لَيْلًا بِغَيْرِ راعٍ ﴿فِيهِ غَنَمُ القَوْمِ﴾ الَّذِينَ لَهم قُوَّةٌ عَلى حِفْظِها فَرَعَتْهُ؛ قالَ قَتادَةُ: النَّفَشُ بِاللَّيْلِ، والهَمَلُ بِالنَّهارِ. ﴿وكُنّا﴾ أيْ بِعَظَمَتِنا الَّتِي لا تُقِرُّ عَلى خِلافِ الأوْلى في شَرْعٍ مِنَ الشُّرُوعِ ﴿لِحُكْمِهِمْ﴾ أيِ الحَكَمَيْنِ والمُتَحاكِمَيْنِ إلَيْهِما ﴿شاهِدِينَ﴾ لَمْ يَغِبْ عَنّا ذَلِكَ ولا شَيْءٌ مِن أمْرِهِمْ هَذا ولا غَيْرِهِ، فَلِذَلِكَ غَيَّرْنا عَلى داوُدَ عَلَيْهِ السَّلامُ تِلْكَ الحُكُومَةَ مَعَ كَوْنِهِ ولِيَّنا وهو مَأْجُورٌ في اجْتِهادِهِ [لِأنَّ الأوْلى خِلافُها، فَإنَّهُ حَكَمَ بِأنْ يَمْتَلِكَ صاحِبُ الحَرْثِ الغَنَمَ بِما أفْسَدَتْ مِنَ الكَرْمِ، فَكَأنَّهُ رَأى قِيمَةَ الغَنَمِ قِيمَةَ ما أفْسَدَتْ -]
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب