الباحث القرآني

ولَمّا كانَ سُبْحانَهُ قَدْ سَخَّرَ لِصَدِيقِهِ لُوطٍ عَلَيْهِ السَّلامُ إهْلاكَ مَن عَصاهُ في أوَّلِ الأمْرِ بِحِجارَةِ الكِبْرِيتِ الَّتِي هي مِنَ النّارِ، وفي آخِرِهِ بِالماءِ الَّذِي هو أقْوى مِنَ النّارِ، تَلاهُ بِهِ فَقالَ: ﴿ولُوطًا﴾ أيْ وآتَيْناهُ أوْ واذْكُرْ لُوطًا؛ ثُمَّ اسْتَأْنَفَ قَوْلَهُ: ﴿آتَيْناهُ﴾ أيْ بِعَظَمَتِنا ﴿حُكْمًا﴾ أيْ نُبُوَّةً [وعَمَلًا مُحْكَمًا بِالعِلْمِ -] ﴿وعِلْمًا﴾ مُزَيَّنًا بِالعَمَلِ ﴿ونَجَّيْناهُ﴾ بِانْفِرادِنا بِالعَظَمَةِ. ولَمّا كانَتْ مادَّةُ ”قَرا“ تَدُلُّ عَلى الجَمْعِ، قالَ: ﴿مِنَ القَرْيَةِ﴾ المُسَمّاةِ سَدُومَ، [أيْ مِن عَذابِهِمْ وجَمِيعِ شُرُورِهِمْ، وأفْرَدَ تَنْبِيهًا عَلى عُمُومِها بِالقَلْعِ والقَلْبِ وأنَّهُ كانَ في غايَةِ السُّهُولَةِ والسُّرْعَةِ -]، وقالَ (p-٤٥١)أبُو حَيّانَ: وكانَتْ سَبْعًا، عَبَّرَ عَنْها بِالواحِدَةِ لِاتِّفاقِ أهْلِها عَلى الفاحِشَةِ. ﴿الَّتِي كانَتْ﴾ قَبْلَ إنْجائِنا لَهُ مِنها ﴿تَعْمَلُ الخَبائِثَ﴾ بِالذُّكْرانِ، وغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الطُّغْيانِ، فاسْتَحَقُّوا النّارَ الَّتِي هي أمَرُّ المُؤْلِماتِ، بِما ارْتَكَبُوا مِنَ الشَّهْوَةِ المَحْظُورَةِ لِعَدِّهِمْ لَها أحْلى المُلَذَّذاتِ، والغَمْرَ بِالماءِ القَذِرِ المُنْتِنِ الَّذِي جَعَلْناهُ - مَعَ أنّا جَعَلْنا مِنَ الماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ - لا يَعِيشُ فِيهِ حَيَوانٌ، فَضْلًا عَنْ أنْ يَتَوَلَّدَ مِنهُ، ولا يَنْتَفِعُ بِهِ، لِما خامَرُوا مِنَ القَذَرِ الَّذِي لا ثَمَرَةَ لَهُ. ولَمّا كانَ في هَذا إشارَةٌ إلى إهْلاكِ القَرْيَةِ، وأنَّ التَّقْدِيرَ: ودَمَّرْنا عَلَيْهِمْ بَعْدَ انْفِصالِهِ عَنْهُمْ، عَلَّلَهُ بِقَوْلِهِ: ﴿إنَّهم كانُوا﴾ أيْ بِما جُبِلُوا عَلَيْهِ ﴿قَوْمَ سَوْءٍ﴾ أيْ ذَوِي قُدْرَةٍ عَلى الشَّرِّ بِانْهِماكِهِمْ في الأعْمالِ السَّيِّئَةِ ﴿فاسِقِينَ﴾ خارِجِينَ مِن كُلِّ خَيْرٍ،
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب