الباحث القرآني

ولَمّا أقامَ البُرْهانَ عَلى إثْباتِ الإلَهِ الحَقِّ، أتْبَعَهُ البُرْهانَ عَلى إبْطالِ الباطِلِ [فَقالَ-]: ﴿وتاللَّهِ﴾ وهو القَسَمُ، والأصْلُ في القَسَمِ الباءُ المُوَحَّدَةُ، والواوُ بَدَلٌ مِنها، والتّاءُ بَدَلٌ مِنَ الواوِ، وفِيها - مَعَ كَوْنِها بَدَلًا - زِيادَةٌ عَلى التَّأْكِيدِ بِالتَّعَجُّبِ: قالَ الأصْبَهانِيُّ: كَأنَّهُ تَعَجَّبَ مِن تَسَهُّلِ الكَيْدِ عَلى يَدِهِ - انْتَهى. وفِيها أيْضًا أنَّها تَدُلُّ عَلى رُجُوعِ التَّسَبُّبِ باطِنًا، فَكَأنَّها إشارَةٌ إلى أنَّهُ بَعْدَ أنْ تَسَبَّبَ في رَدِّهِمْ عَنْ عِبادَتِها ظاهِرًا بِما خاطَبَهم بِهِ، تَسَبَّبَ مِن ذَلِكَ ثانِيًا باطِنًا بِإفْسادِها ﴿لأكِيدَنَّ﴾ أكَّدَ لِأنَّهُ مِمّا يُنْكَرُ لِشِدَّةِ عُسْرِهِ؛ والكَيْدُ: الِاحْتِيالُ في الضَّرَرِ ﴿أصْنامَكُمْ﴾ أيْ هَذِهِ الَّتِي عَكَفْتُمْ عَلَيْها ناسِينَ الَّذِي خَلَقَكم وإيّاها، أيْ لَأفْعَلَنَّ بِها ما يَسُوءُكم بِضَرْبٍ مِنَ الحِيلَةِ. ولَمّا كانَ عَزْمُهُ عَلى إيقاعِ الكَيْدِ في جَمِيعِ الزَّمانِ الَّذِي يَقَعُ فِيهِ تَوَلِّيهِمْ في أيِّ جُزْءٍ تَيَسَّرَ لَهُ مِنهُ، أسْقَطَ الجارَّ فَقالَ: ﴿بَعْدَ أنْ تُوَلُّوا﴾ أيْ تُوقِعُوا التَّوَلِّيَ عَنْها، وحَقَّقَ مُرادَهُ بِقَوْلِهِ: ﴿مُدْبِرِينَ﴾ (p-٤٣٨)لِأُنْزِلَكم مِنَ الدَّلِيلِ العَقْلِيِّ عَلى تَحْقِيقِ الحَقِّ إذْ لَمْ تَكُونُوا مِن أهْلِهِ إلى الدَّلِيلِ الحِسِّيِّ عَلى إبْطالِ الباطِلِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب