الباحث القرآني

ولَمّا هَدَّدَهم بِما مَضى مِمّا قامَ الدَّلِيلُ عَلى قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ، وخَتَمَهُ - لِوُقُوفِهِمْ مَعَ المَحْسُوساتِ - بِما وقَعَ لِمَن قَبْلَهُمْ، وكانَ الأمانُ عَنْ مِثْلِ ذَلِكَ لا يَكُونُ إلّا بِشَيْءٍ يُوثَقُ بِهِ، أمَرَهُ أنْ يَسْألَهم عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: ﴿قُلْ مَن يَكْلَؤُكُمْ﴾ أيْ يَحْفَظُكم ويُؤَخِّرُكم ويُكْثِرُ رِزْقَكُمْ، وهو اسْتِفْهامُ تَوْبِيخٍ. ولَمّا اسْتَوى بِالنِّسْبَةِ إلى قُدْرَتِهِ حَذَرُهم وغَفْلَتُهُمْ، قالَ: ﴿بِاللَّيْلِ﴾ (p-٤٢٤)أيْ وأنْتُمْ نائِمُونَ. ولَمّا كانَتْ مُدافَعَةُ عَذابِهِ سُبْحانَهُ غَيْرَ مُمْكِنَةٍ لِنائِمٍ ولا يَقْظانٍ قالَ: ﴿والنَّهارِ﴾ [أيْ -] وأنْتُمْ مُسْتَيْقِظُونَ. ولَمّا كانَ لا مُنْعِمَ بِكِلايَةٍ ولا غَيْرِها سِواهُ سُبْحانَهُ، ذَكَّرَهم بِذَلِكَ بِصِفَةِ الرَّحْمَةِ فَقالَ: ﴿مِنَ الرَّحْمَنِ﴾ الَّذِي لا نِعْمَةَ بِحِراسَةٍ ولا غَيْرِها إلّا مِنهُ حَتّى أمِنتُمْ مَكْرَهُ ولَوْ بِقَطْعِ إحْسانِهِ، فَكَيْفَ إذا ضَرَبَكم بِسَوْطِ جَبَرُوتِهِ وسَطْوَةِ قَهْرِهِ وعَظَمُوتِهِ. ولَمّا كانَ الجَوابُ قَطْعًا: لَيْسَ لَهم مَن يَكْلَؤُهم مِنهُ وهو مَعْنى الِاسْتِفْهامِ الإنْكارِيِّ، قالَ مُضْرِبًا عَنْهُ: ﴿بَلْ هُمْ﴾ أيْ في أمْنِهِمْ مِن سَطَواتِهِ ﴿عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ﴾ الَّذِي لا يُحْسِنُ إلَيْهِمْ غَيْرُهُ ﴿مُعْرِضُونَ﴾ فَهم لا يَذْكُرُونَ أصْلًا فَضْلًا عَنْ أنْ يَخْشَوْا بَأْسَهُ وهم يَدَّعُونَ أنَّهم أشْكَرُ النّاسِ لِلْإحْسانِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب