الباحث القرآني

ولَمّا ذَكَرَ الصّارِمَ البَتّارَ، لِلْأعْمارِ الطِّوالِ والقِصارِ، مِنَ اللَّيْلِ والنَّهارِ، [كانَ كَأنَّهُ -] قِيلَ: فَيُفْنِيانِ كُلَّ شَدِيدٍ، ويُبْلِيانِ كُلَّ جَدِيدٍ، فَعَطَفَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ: ﴿وما جَعَلْنا﴾ أيْ بِما لَنا مِنَ العَظَمَةِ الَّتِي اقْتَضَتْ تَفَرُّدَنا بِالبَقاءِ ﴿لِبَشَرٍ﴾ [وحَقَّقَ عَدَمَ هَذا الجَعْلِ بِإثْباتِ الجارِّ فَقالَ -]: ﴿مِن قَبْلِكَ الخُلْدَ﴾ ناظِرًا إلى قَوْلِهِ ﴿وما كانُوا خالِدِينَ﴾ [الأنبياء: ٨] بَعْدَ قَوْلِهِ (p-٤١٧)﴿هَلْ هَذا إلا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ﴾ [الأنبياء: ٣] وهَذا مِن أقْوى الأدِلَّةِ عَلى أنَّ الخَضِرَ عَلَيْهِ السَّلامُ ماتَ، ويُجابُ بِأنَّ الحَياةَ الطَّوِيلَةَ لَيْسَتْ خُلْدًا كَما في حَقِّ عِيسى عَلَيْهِ السَّلامُ، لَكِنَّ قَوْلَهُ ﷺ: «اللَّهُمَّ إنْ تَهْلِكْ هَذِهِ العِصابَةُ لا تُعْبَدْ في الأرْضِ بَعْدَ اليَوْمِ» وقَوْلَهُ: «لا يَبْقى عَلى رَأْسِ مِائَةِ سَنَةٍ مِمَّنْ هو عَلى ظَهْرِ الأرْضِ اليَوْمَ أحَدٌ» وقَوْلَهُ: «ودِدْنا أنَّ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ صَبَرَ فَقُصَّ عَلَيْنا مِن أمْرِهِما» في أمْثالِ ذَلِكَ، يَدُلُّ عَلى مَوْتِهِ دَلالَةً لا تَقْبَلُ ادِّعاءَ حَياتِهِ بَعْدَها إلّا بِأظْهَرَ مِنهُ. ولَمّا كانَ قَوْلُهم ﴿بَلْ هو شاعِرٌ﴾ [الأنبياء: ٥] مُشِيرًا إلى أنَّهم قالُوا نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ المَنُونِ كَما اتَّفَقَ لِغَيْرِهِ مِنَ الشُّعَراءِ، وكانَ يَنْبَغِي أنْ لا يَنْتَظِرَ أحَدٌ لِآخَرَ مِنَ الأذى إلّا ما يَتَحَقَّقُ سَلامَتُهُ هو مِنهُ، تَوَجَّهَ الإنْكارُ عَلَيْهِمْ والتَّسْلِيَةُ [لَهُ -] بِمَنعِ شَماتَتِهِمْ في قَوْلِهِ: ﴿أفَإنْ﴾ أيْ أيَتَمَنَّوْنَ مَوْتَكَ فَإنْ ﴿مِتَّ فَهُمُ﴾ أيْ خاصَّةً ﴿الخالِدُونَ﴾ فالمُنْكَرُ تَقْدِيرُ خُلُودِهِمْ عَلى تَقْدِيرِ مَوْتِهِ المُوجِبِ لِإنْكارِ تَمَنِّيهِمْ لِمَوْتِهِ، فَحَقُّ الهَمْزَةِ دُخُولُها عَلى الجَزاءِ، وهُوَ: فَهُمْ، وإنَّما [قارَنَتِ الشَّرْطَ لِأنَّ -] الِاسْتِفْهامَ لَهُ الصَّدْرُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب