الباحث القرآني

ثُمَّ عَلَّلَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: ﴿لا يُسْألُ﴾ أيْ مِن سائِلٍ [ما -] ﴿عَمّا يَفْعَلُ﴾ أيْ لا يُعْتَرَضُ عَلَيْهِ لِأنَّهُ لا كُفْؤَ لَهُ في عِلْمٍ ولا حِكْمَةٍ ولا قُدْرَةٍ [ولا عَظَمَةٍ -] ولا غَيْرِ ذَلِكَ، [فَلَيْسَ في شَيْءٍ مِن أفْعالِهِ لِإتْقانِها مَوْضِعُ سُؤالٍ -]، فَمَهْما أرادَ كانَ ومَهْما قالَ فالحَسَنَ الجَمِيلَ، فَلَوْ شاءَ لَعَذَّبَ أهْلَ سَماواتِهِ وأهْلَ أرْضِهِ، وكانَ ذَلِكَ مِنهُ عَدْلًا حَسَنًا، وهَذا مِمّا يَتَمادَحُ بِهِ أُولُو الهِمَمِ العَوالِي، كَما قالَ عامِرٌ الخَصَفِيُّ في هاشِمِ بْنِ حَرْمَلَةَ بْنِ الأشْعَرِ: ؎أحْيا أباهُ هاشِمَ بْنَ حَرْمَلَةْ يَوْمَ الهَباءاتِ ويَوْمَ اليَعْمَلَةْ ؎تَرى المُلُوكَ عِنْدَهُ مُغَرْبَلَةْ ∗∗∗ يَقْتُلُ ذا الذَّنْبِ ومَن لا ذَنْبَ لَهْ قالَ ابْنُ هِشامٍ في مُقَدِّمَةِ السِّيرَةِ قَبْلَ ”أمْرِ البَسْلِ“ بِقَلِيلٍ: أنْشَدَنِي (p-٤٠٥)أبُو عُبَيْدَةَ هَذِهِ الأبْياتَ وحَدَّثَنِي أنَّ هاشِمًا قالَ لِعامِرٍ: قُلْ فِيَّ بَيْتًا جَيِّدًا أُثِبْكَ عَلَيْهِ، فَقالَ عامِرٌ البَيْتَ الأوَّلَ فَلَمْ يُعْجِبْ هاشِمًا، ثُمَّ قالَ البَيْتَ الثّانِي فَلَمْ يُعْجِبْهُ، ثُمَّ قالَ الثّالِثَ فَلَمْ يُعْجِبْهُ، فَلَمّا قالَ [الرّابِعَ -] ؎”ويَقْتُلُ ذا الذَّنْبِ ومَن لا ذَنْبَ لَهْ“ أعْجَبَهُ فَأثابَهُ عَلَيْهِ، [ومِن أعْجَبِ ما رَأيْتُ في حِكَمِ الأقْدَمِينَ أنَّ الشَّهْرِسْتانِيَّ قالَ في المِلَلِ: وقَدْ سَألَ بَعْضُ الدَّهْرِيَّةِ أرِسْطاطالِيسَ فَقالَ: إذا كانَ لَمْ يَزَلْ ولا شَيْءَ غَيْرُهُ ثُمَّ أحْدَثَ العالَمَ فَلِمَ أحْدَثَهُ؟ فَقالَ: ”لِمَ“ غَيْرُ جائِزٍ عَلَيْهِ، لِأنَّ لِمَ تَقْتَضِي عِلَّةً والعِلَّةُ مَحْمُولَةٌ فِيما هي عِلَّةٌ لَهُ مِن مُعِلٍّ فَوْقَهُ ولا عِلَّةَ فَوْقَهُ، ولَيْسَ بِمُرَكَّبٍ فَتَحْمِلُ ذاتُهُ العِلَلَ، فَلِمَ عَنْهُ مَنفِيَّةٌ-]. ﴿وهم يُسْألُونَ﴾ مِن كُلِّ سائِلٍ لِما في أفْعالِهِمْ مِنَ الاخْتِلالِ بَلْ يُمْنَعُونَ عَنْ أكْثَرِ ما يُرِيدُونَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب