الباحث القرآني

ولَمّا كانَ الجَوابُ قَطْعًا: لَمْ يَتَّخِذُوا آلِهَةً بِهَذا الوَصْفِ، ولا شَيْءَ غَيْرَهُ سُبْحانَهُ يَسْتَحِقُّ وصْفَ الإلَهِيَّةِ، أقامَ البُرْهانَ القَطْعِيَّ عَلى صِحَّةِ نَفْيِ إلَهٍ غَيْرِهِ بِبُرْهانِ التَّمانُعِ، وهو أشَدُّ بُرْهانٍ لِأهْلِ الكَلامِ فَقالَ: ﴿لَوْ كانَ فِيهِما﴾ أيْ [فِي -] السَّماواتِ والأرْضِ، أيْ في تَدْبِيرِهِما. ولَمّا كانَ الأصْلُ فِيما بَعْدَ كُلٍّ مِن ”إلّا“ و”غَيْرِ“ أنْ يَكُونَ مِن جِنْسِ ما قَبْلَهُما وإنْ كانَ مُغايِرًا لَهُ في العَيْنِ، صَحَّ وضْعُ كُلٍّ مِنهُما مَوْضِعَ الآخَرِ، واخْتِيرَ هُنا التَّعْبِيرُ بِأداةِ الِاسْتِثْناءِ والمَعْنى لِلصِّفَةِ إذْ هي تابِعَةٌ لِجَمِيعٍ مَنكُورٍ غَيْرِ مَحْصُورٍ لِإفادَةِ إثْباتِ الإلَهِيَّةِ لَهُ سُبْحانَهُ مَعَ النَّفْيِ عَمّا عَداهُ، لِأنَّ ”لَوْلا“ - لِما فِيها مِنَ الامْتِناعِ - مُفِيدَةٌ لِلنَّفْيِ، فالكَلامُ في قُوَّةِ أنْ يُقالَ ”ما فِيهِما“ ﴿آلِهَةٌ إلا اللَّهُ﴾ أيْ مُدَبِّرُونَ غَيْرُ مَن تَفَرَّدَ بِصِفاتِ الكَمالِ، ولَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ غَيْرُهُ ﴿لَفَسَدَتا﴾ لِقَضاءِ العادَةِ بِالخِلافِ بَيْنَ المُتَكافِئِينَ المُؤَدِّي إلى ذَلِكَ، ولِقَضاءِ العَقْلِ بِإمْكانِ الِاخْتِلافِ اللّازِمِ مِنهُ [إمْكانُ التَّمانُعِ اللّازِمِ مِنهُ إمْكانُ عَجْزِ أحَدِهِما اللّازِمِ مِنهُ -] أنْ لا يَكُونُ إلَهًا لِحاجَتِهِ، [وإذا انْتَفى الجَمْعُ، انْتَفى الِاثْنانِ مِن بابِ الأوْلى، لِأنَّ الجَمْعَ كُلَّما زادَ حارَبَ بَعْضُهم بَعْضًا فَقَلَّ الفَسادُ كَما نُشاهِدُ -]. ولَمّا أفادَ هَذا الدَّلِيلُ أنَّهُ لا يَجُوزُ أنْ يَكُونَ المُدَبِّرُ لَها إلّا واحِدًا، وأنَّ ذَلِكَ الواحِدَ لا يَكُونُ إلّا اللَّهَ قالَ: ﴿فَسُبْحانَ اللَّهِ﴾ أيْ فَتَسَبَّبَ عَنْ (p-٤٠٤)ذَلِكَ تَنَزُّهُ المُتَّصِفِ بِصِفاتِ الكَمالِ ﴿رَبِّ العَرْشِ﴾ [أيِ -] الَّذِي هو نِهايَةُ المَعْلُوماتِ مِنَ الأجْسامِ، [ورَبِّ ما دُونَهُ مِنَ السَّماواتِ والأراضِي وما فِيهِما -] المُتَفَرِّدِ بِالتَّدْبِيرِ، كَما يَتَفَرَّدُ المَلِكُ الجالِسُ عَلى السَّرِيرِ ﴿عَمّا يَصِفُونَ﴾ مِمّا يُوهِمُ نَقْصًا ما،
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب