الباحث القرآني

(p-٣٩٤)ولَمّا كانَ التَّقْدِيرُ: فَإنْ عَدَلْتُمْ بِقَبُولِهِ شَرَّفْناكُمْ، وإنْ ظَلَمْتُمْ بِرَدِّهِ عِنادًا أهْلَكْناكم كَما أهْلَكْنا مَن كانَ قَبْلَكُمْ، عَطَفَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ: ﴿وكَمْ قَصَمْنا﴾ أيْ بِعَظَمَتِنا ﴿مِن قَرْيَةٍ﴾ جَعَلْناها كالشَّيْءِ اليابِسِ الَّذِي كُسِرَ فَتَبايَنَتْ أجْزاؤُهُ، والإناءِ الَّذِي فُتَّ فانْكَبَّ ماؤُهُ؛ وأشارَ بِالقَصْمِ الَّذِي هو أفْظَعُ الكَسْرِ إلى أنَّها كانَتْ بِاجْتِماعِ الكَلِمَةِ وشِدَّةِ الشَّكِيمَةِ كالحَجَرِ الرُّخامِ في الصَّلابَةِ والقُوَّةِ، و”كَمْ“ في هَذا السِّياقِ يَقْتَضِي الكَثْرَةَ، ثُمَّ عَلَّلَ إهْلاكَها وانْتِقالَها بِقَوْلِهِ: ﴿كانَتْ ظالِمَةً﴾ ثُمَّ بَيَّنَ الغِنى عَنْها بِقَوْلِهِ: ﴿وأنْشَأْنا﴾ أيْ بِعَظَمَتِنا. ولَمّا كانَ الدَّهْرُ لَمْ يَخْلُ قَطُّ بَعْدَ آدَمَ مِن إنْشاءٍ وإفْناءٍ، فَكانَ المُرادُ أنَّ الإنْشاءَ بَعْدَ الإهْلاكِ يَسْتَغْرِقُ الزَّمانَ عَلى التَّعاقُبِ، بَيانًا لِأنَّ المُهْلَكِينَ ضَرُّوا أنْفُسَهم مِن غَيْرِ افْتِقارٍ إلَيْهِمْ، أسْقَطَ الجارَّ فَقالَ: ﴿بَعْدَها قَوْمًا﴾ أيْ أقْوِياءَ، وحَقَّقَ أنَّهم لا قَرابَةَ قَرِيبَةً بَيْنَهم بِقَوْلِهِ: ﴿آخَرِينَ﴾
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب