الباحث القرآني

ولَمّا كانَ الذَّنْبُ مَعَ العِلْمِ أبْشَعَ، والضَّلالُ بَعْدَ البَيانِ أشْنَعَ، قالَ عاطِفًا عَلى قَوْلِهِ ﴿قالَ يا قَوْمِ ألَمْ يَعِدْكُمْ﴾ [طه: ٨٦] أوْ عَلى قَوْلِهِ ﴿قالُوا ما أخْلَفْنا﴾ [طه: ٨٧] ﴿ولَقَدْ قالَ لَهم هارُونُ﴾ أيْ مَعَ أنَّ مَن لَمْ يَعْبُدْهُ لَمْ يَمْلِكُوا رَدَّ مَن عَبَدَهُ. ولَمّا كانَ قَوْلُهم في بَعْضِ ذَلِكَ الزَّمانِ، قالَ: ﴿مِن قَبْلُ﴾ أيْ مِن قَبْلِ رُجُوعِ مُوسى، مُسْتَعْطِفًا لَهُمْ: ﴿يا قَوْمِ﴾ ثُمَّ حَصَرَ أمْرَهم لِيَجْتَمِعَ فِكْرُهم (p-٣٣٢)[ونَظَرُهم -] فَقالَ: ﴿إنَّما فُتِنْتُمْ﴾ أيْ [وقَعَ اخْتِبارُكم -] فاخْتُبِرْتُمْ في صِحَّةِ إيمانِكم وصِدْقِكم فِيهِ وثَباتِكم عَلَيْهِ ﴿بِهِ﴾ أيْ بِهَذا التِّمْثالِ في إخْراجِهِ لَكم عَلى هَذِهِ الهَيْئَةِ الخارِقَةِ لِلْعادَةِ. وأكَّدَ لِأجْلِ إنْكارِهِمْ فَقالَ: ﴿وإنَّ رَبَّكُمُ﴾ أيِ الَّذِي أخْرَجَكم مِنَ العَدَمِ ورَبّاكم بِالإحْسانِ ﴿الرَّحْمَنُ﴾ وحْدَهُ الَّذِي فَضْلُهُ عامٌّ ونِعَمُهُ شامِلَةٌ، فَلَيْسَ عَلى بَرٍّ ولا فاجِرٍ نِعْمَةٌ إلّا وهي مِنهُ قَبْلَ أنْ يُوجَدَ العِجْلُ، وهو كَذَلِكَ بَعْدَهُ. ومِن رَحْمَتِهِ قَبُولُ التَّوْبَةِ، فَخافُوا نَزْعَ نِعَمِهِ بِمَعْصِيَتِهِ، وارْجُوا إسْباغَها بِطاعَتِهِ ﴿فاتَّبِعُونِي﴾ بِغايَةِ جُهْدِكم في الرُّجُوعِ إلَيْهِ ﴿وأطِيعُوا أمْرِي﴾ في دَوامِ الشَّرَفِ بِالخُضُوعِ لَدَيْهِ، ودَوامِ الإقْبالِ عَلَيْهِ، يَدْفَعْ عَنْكم ضَيْرَهُ، ويُفِضْ عَلَيْكم خَيْرَهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب