الباحث القرآني
ثُمَّ سَبَّبَ عَنْ إخْبارِهِ سُبْحانَهُ لَهُ بِذَلِكَ قَوْلَهُ: ﴿فَرَجَعَ مُوسى﴾ أيْ لَمّا أخْبَرَهُ رَبُّهُ بِذَلِكَ ﴿إلى قَوْمِهِ﴾ أيِ الَّذِينَ لَهم قُوَّةٌ عَظِيمَةٌ عَلى ما يُحاوِلُونَهُ ﴿غَضْبانَ أسِفًا﴾ أيْ شَدِيدَ الحُزْنِ أوِ الغَضَبِ؛ [واسْتَأْنَفَ قَوْلَهُ ]: ﴿قالَ﴾ لِقَوْمِهِ لَمّا رَجَعَ إلَيْهِمْ مُسْتَعْطِفًا لَهُمْ: ﴿يا قَوْمِ﴾ وأنْكَرَ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ: ﴿ألَمْ يَعِدْكم رَبُّكُمْ﴾ الَّذِي طالَ إحْسانُهُ إلَيْكم ﴿وعْدًا حَسَنًا﴾ أيْ بِأنَّهُ يُنْزِلُ عَلَيْكم كِتابًا حافِظًا، ويُكَفِّرُ عَنْكم خَطاياكُمْ، ويَنْصُرُكم عَلى أعْدائِكم - إلى غَيْرِ ذَلِكَ مِن إكْرامِهِ.
ولَمّا جَرَتِ العادَةُ بِأنَّ طُولَ الزَّمانِ ناقِضٌ لِلْعَزائِمِ، مُغَيِّرٌ لِلْعُهُودِ، كَما قالَ أبُو العَلاءِ أحْمَدُ بْنُ سُلَيْمانَ المَعَرِّيُّ في هَذا البَيْتِ:
؎لا أنْسَيَنَّكِ إنْ طالَ الزَّمانُ بِنا وكَمْ حَبِيبٍ تَمادى عَهْدُهُ فَنَسِي
ولَمّا كانَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ قَرِيبَ العَهْدِ بِهِمْ، أنْكَرَ طُولَ العَهْدِ بِقَوْلِهِ، مُسْتَأْنِفًا [عَمّا تَقْدِيرُهُ: هَلْ تَرَكَ رَبُّكم مَواعِيدَهُ لَكم وقَطَعَ مَعْرُوفَهُ عَنْكم -]: ﴿أفَطالَ عَلَيْكُمُ العَهْدُ﴾ أيْ [زَمَنُ -] لُطْفِهِ بِكُمْ، فَتَغَيَّرْتُمْ عَمّا (p-٣٢٧)فارَقْتُكم عَلَيْهِ كَما يَعْتَرِي أهْلَ الرَّذائِلِ الِانْحِلالُ في العَزائِمِ لِضَعْفِ العُقُولِ وقِلَّةِ التَّدَبُّرِ ﴿أمْ أرَدْتُمْ﴾ بِالنَّقْضِ مَعَ قُرْبِ العَهْدِ وذِكْرِ المِيثاقِ ﴿أنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ﴾ بِسَبَبِ عِبادَةِ العِجْلِ ﴿غَضَبٌ مِن رَبِّكُمْ﴾ [أيِ -] المُحْسِنِ إلَيْكُمْ، وكِلا الأمْرَيْنِ لَمْ يَكُنْ، أمّا الأوَّلُ فَواضِحٌ، وأمّا الثّانِي فَلا يُظَنُّ بِأحَدٍ إرادَتُهُ، والحاصِلُ أنَّهُ يَقُولُ: إنَّكم فَعَلْتُمْ ما لا يَفْعَلُهُ عاقِلٌ ﴿فَأخْلَفْتُمْ﴾ أيْ فَتَسَبَّبَ عَنْ فِعْلِكم ذَلِكَ أنْ أخْلَفْتُمْ ﴿مَوْعِدِي﴾ في إجْلالِ اللَّهِ والإتْيانِ إلى المَوْضِعِ الَّذِي ضَرَبَهُ لَكم لِكَلامِهِ لِي وإنْزالِ كِتابِهِ عَلَيَّ إحْسانًا إلَيْكم وإقْبالًا عَلَيْكُمْ، وكَأنَّهُ أضافَ المَوْعِدَ إلَيْهِ أدَبًا مَعَ اللَّهِ تَعالى وإعْظامًا لَهُ، أوْ أنَّهُ لَمّا كانَ إخْلافُ المَوْعِدِ المُؤَكَّدِ المُعَيَّنِ الَّذِي لا شُبْهَةَ فِيهِ، لِما نَصَبَ عَلَيْهِ مِنَ الدَّلائِلِ الباهِرَةِ، وأوْضَحَهُ مِنَ البَراهِينِ الظّاهِرَةِ، لا يَكُونُ إلّا بِنِسْيانٍ لِطُولِ العَهْدِ، أوْ عِنادٍ بِسُوءِ قَصْدٍ، وكانَ مِن أبْلَغِ المَقاصِدِ وأوْضَحِ التَّقْرِيرِ إلْجاءُ الخَصْمِ بِالسُّؤالِ إلى الِاعْتِرافِ بِالمُرادِ، سَألَهم عَنْ تَعْيِينِ أحَدِ الأمْرَيْنِ مَعَ أنَّ طُولَ العَهْدِ لا يُمْكِنُ ادِّعاؤُهُ، فَقالَ ما مَعْناهُ: أطالَ عَلَيْكُمُ العَهْدُ بِزِيادَةِ عَشْرَةِ أيّامٍ فَنَسِيتُمْ فَلَمْ يَكُنْ عَلَيْكم في الإخْلافِ جُناحٌ؟ أمْ أرَدْتُمْ أنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمُ الغَضَبُ فَعانَدْتُمْ؟ فَكانَتِ الآيَةُ مِنَ الاحْتِباكِ: ذِكْرُ طُولِ العَهْدِ المُوجِبِ لِلنِّسْيانِ أوَّلًا دَلِيلٌ (p-٣٢٨)عَلى حَذْفِ العِنادِ ثانِيًا، وذِكْرُ حُلُولِ الغَضَبِ ثانِيًا دَلِيلٌ عَلى انْتِفاءِ الجُناحِ أوَّلًا، وسِرُّ ذَلِكَ أنَّ ذِكْرَ السَّبَبِ الَّذِي هو طُولُ العَهْدِ أدَلُّ عَلى النِّسْيانِ الَّذِي هو المُسَبَّبُ، وإثْباتَ الغَضَبِ [و -] هو المُسَبَّبُ - أنْكَأُ مِن إثْباتِ سَبَبِهِ الَّذِي هو العِنادُ.
{"ayah":"فَرَجَعَ مُوسَىٰۤ إِلَىٰ قَوۡمِهِۦ غَضۡبَـٰنَ أَسِفࣰاۚ قَالَ یَـٰقَوۡمِ أَلَمۡ یَعِدۡكُمۡ رَبُّكُمۡ وَعۡدًا حَسَنًاۚ أَفَطَالَ عَلَیۡكُمُ ٱلۡعَهۡدُ أَمۡ أَرَدتُّمۡ أَن یَحِلَّ عَلَیۡكُمۡ غَضَبࣱ مِّن رَّبِّكُمۡ فَأَخۡلَفۡتُم مَّوۡعِدِی"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق