الباحث القرآني

ولَمّا هَدَّدَهم بِإهْلاكِ الماضِينَ، ذَكَرَ سَبَبَ التَّأْخِيرِ عَنْهُمْ، عاطِفًا عَلى ما أرْشَدَ إلى تَقْدِيرِهِ السِّياقُ، وهو مِثْلُ أنْ يُقالَ: فَلَوْ أرادَ سُبْحانَهُ لَعَجَّلَ عَذابَهُمْ: ﴿ولَوْلا كَلِمَةٌ﴾ أيْ عَظِيمَةٌ ماضِيَةٌ نافِذَةٌ ﴿سَبَقَتْ﴾ أيْ في الأزَلِ ﴿مِن رَبِّكَ﴾ الَّذِي عَوَّدَكَ بِالإحْسانِ بِأنَّهُ يُعامِلُ بِالحِلْمِ والأناةِ، وأنَّهُ لا يَسْتَأْصِلُ مُكَذِّبِيكَ، بَلْ يَمُدُّ لَهُمْ، لِيَرُدَّ مَن شاءَ (p-٣٦٦)مِنهم ويُخْرِجَ مِن أصْلابِ بَعْضِهِمْ مَن يَعْبُدُهُ، وإنَّما ذَلِكَ إكْرامًا لَكَ ورَحْمَةً لِأُمَّتِكَ لِأنّا كَما قُلْنا أوَّلَ السُّورَةِ ﴿ما أنْـزَلْنا عَلَيْكَ القُرْآنَ لِتَشْقى﴾ [طه: ٢] بِإهْلاكِهِمْ وإنْ كانُوا قَوْمًا لُدًّا، ولا بِغَيْرِ ذَلِكَ، وما أنْزَلْناهُ إلّا لِتَكْثُرَ أتْباعُكَ، فَيَعْمَلُوا الخَيْراتِ، فَيَكُونَ ذَلِكَ زِيادَةً في شَرَفِكَ، وإلى ذَلِكَ الإشارَةُ بِقَوْلِهِ ﷺ «وإنَّما كانَ الَّذِي أُوتِيتُهُ وحْيًا أوْحاهُ اللَّهُ إلَيَّ فَأرْجُو أنْ أكُونَ أكْثَرَهم تابِعًا» ﴿لَكانَ﴾ أيِ العَذابُ ﴿لِزامًا﴾ أيْ لازِمًا أعْظَمَ لُزُومٍ لِكُلِّ مَن أذْنَبَ عِنْدَ أوَّلِ ذَنْبٍ يَقَعُ مِنهُ لِشَرَفِكَ عِنْدَهُ وقُرْبِكَ لَدَيْهِ و لَوْلا أجَل مُسَمّى ضَرَبَهُ لِكُلِّ شَيْءٍ لَكانَ الأمْرُ كَذَلِكَ أيْضًا، لَكِنَّهُ سَبَقَتْ رَحْمَتُهُ غَضَبَهُ فَهو لا يُعَجِّلُ، وضَرَبَ الأجَلَ فَهو لا يَأْخُذُ قَبْلَهُ، وكُلٌّ مِن سَبْقِ الكَلِمَةِ وتَسْمِيَةِ الأجَلِ مُسْتَقِلٌّ بِالإمْهالِ فَكَيْفَ إذا اجْتَمَعا، فَتَسَبَّبَ عَنِ العِلْمِ بِأنَّهُ لا بُدَّ مِنَ اسْتِيفاءِ الأجَلِ وإنْ زادَ العاصِي في العِصْيانِ تَسْلِيمُ الأُمُورِ إلى اللَّهِ وعَدَمُ القَلَقِ في انْتِظارِ الفَرَجِ فَقالَ:
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب