الباحث القرآني

﴿فَوَسْوَسَ﴾ أيْ فَتَعَقَّبَ تَحْذِيرَنا هَذا مِن غَيْرِ بُعْدٍ في الزَّمانِ أنْ وسْوَسَ ﴿إلَيْهِ الشَّيْطانُ﴾ المُحْتَرِقُ المَطْرُودُ، وهو إبْلِيسُ، أيْ ألْقى إلَيْهِ وجْهَ الخَفاءِ بِما مَكَّنّاهُ مِنَ الجَرْيِ في هَذا النَّوْعِ مَجْرى الدَّمِ، وقَذْفِ المَعانِي في قَلْبِهِ، وكَأنَّهُ عَبَّرَ بِـ ”إلى“، لِأنَّ المَقامَ لِبَيانِ سُرْعَةِ قَبُولِ هَذا النَّوْعِ لِلنَّقائِصِ وإنْ أتَتْهُ مِن بُعْدٍ، أوْ لِأنَّهُ ما أنْهى إلَيْهِ ذَلِكَ إلّا بِواسِطَةِ زَوْجِهِ، لِذَلِكَ عَدّى الفِعْلَ عِنْدَ ذِكْرِهِما بِاللّامِ، وكَأنَّهُ قِيلَ: ما دَسَّ إلَيْهِ؟ فَقِيلَ: ﴿قالَ يا آدَمُ﴾ ثُمَّ ساقَ لَهُ الغِشَّ مَساقَ العَرْضِ، إبْعادًا لِنَفْسِهِ مِنَ التُّهْمَةِ والغَرَضِ؛ وشَوَّقَهُ إلَيْهِ أوَّلًا بِقَوْلِهِ: ﴿هَلْ أدُلُّكَ﴾ فَإنَّ النَّفْسَ شَدِيدَةُ الطَّلَبِ لِعِلْمِ ما تَجْهَلُهُ؛ وثانِيًا بِقَوْلِهِ: ﴿عَلى شَجَرَةِ الخُلْدِ﴾ أيِ الَّتِي مَن أكَلَ مِنها خَلَدَ، فَإنَّ الإنْسانَ أحَبُّ شَيْءٍ في طُولِ البَقاءِ؛ وثالِثًا بِقَوْلِهِ: ﴿ومُلْكٍ لا يَبْلى﴾ أيْ لا يَخْلَقُ أصْلًا، فَكَأنَّهُ قالَ لَهُ بِلِسانِ الحالِ أوِ المَقالِ: نَعَمْ، فَقالَ: شَجَرَةُ الخُلْدِ هَذِهِ - مُشِيرًا إلى الَّتِي نُهِيَ عَنْها - ما بَيْنَكَ وبَيْنَ المُلْكِ الدّائِمِ إلّا أنْ تَأْكُلَ مِنها.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب