الباحث القرآني

ولَمّا اشْتَمَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ عَلى الذِّرْوَةِ مِن حُسْنِ المَعانِي، فَبَشَّرَتْ ويَسَّرَتْ، وأنْذَرَتْ وحَذَّرَتْ، وبَيَّنَتِ الخَفايا، وأظْهَرَتِ الخَبايا، مَعَ ما لَها مِن جَلالَةِ السَّبْكِ وبَراعَةِ النَّظْمِ، كانَ كَأنَّهُ قِيلَ تَنْبِيهًا عَلى جَلالَتِها: أنْزَلْناها عَلى هَذا المِنوالِ العَزِيزِ المِثالِ ﴿وكَذَلِكَ﴾ أيْ ومِثْلُ هَذا الإنْزالِ ﴿أنْـزَلْناهُ﴾ أيْ هَذا الذِّكْرَ كُلَّهُ بِعَظَمَتِنا ﴿قُرْآنًا﴾ جامِعًا لِجَمِيعِ المَعانِي المَقْصُودَةِ ﴿عَرَبِيًّا﴾ مُبَيِّنًا لِما أُودِعَ فِيهِ لِكُلِّ مَن لَهُ ذَوْقٌ في أسالِيبِ العَرَبِ. ولَمّا كانَ أكْثَرُ هَذِهِ الآياتِ مُحَذِّرًا، قالَ: ﴿وصَرَّفْنا﴾ أيْ بِما لَنا مِنَ العَظَمَةِ ﴿فِيهِ مِنَ الوَعِيدِ﴾ أيْ ذَكَرْناهُ مُكَرِّرِينَ لَهُ مُحَوَّلًا في أسالِيبَ مُخْتَلِفَةٍ، وأفانِينَ مُتَنَوِّعَةٍ مُؤْتَلِفَةٍ. ولَمّا ذَكَرَ الوَعِيدَ، أتْبَعَهُ ثَمَرَتَهُ فَقالَ: ﴿لَعَلَّهم يَتَّقُونَ﴾ أيْ لِيَكُونَ النّاظِرُ لَهم بَعْدَ ذَلِكَ عَلى رَجاءٍ مِن أنْ يَتَّقُوا ويَكُونُوا بِهِ في عِدادِ مَن يُجَدِّدُ التَّقْوى كُلَّ حِينٍ، بِأنْ تَكُونَ [لَهُ -] وصْفًا مُسْتَمِرًّا، وهي الحَذَرُ الحامِلُ (p-٣٥١)عَلى اتِّخاذِ الوِقايَةِ مِمّا يُحْذَرُ ﴿أوْ﴾ في عِدادِ مَن ﴿يُحْدِثُ﴾ أيْ يُجَدِّدُ هَذا التَّصْرِيفُ ﴿لَهم ذِكْرًا﴾ أيْ ما يَسْتَحِقُّ أنْ يُذْكَرَ مِن طُرُقِ الخَيْرِ، فَيَكُونُ سَبَبًا لِلْخَوْفِ الحامِلِ عَلى التَّقْوى، فَيَرُدُّهم عَنْ بَعْضِ ما تَدْعُو إلَيْهِ النُّفُوسُ مِنَ النَّقائِصِ والبُؤْسِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب