الباحث القرآني

ولَمّا انْتَفى الأمْرانِ عُلِمَ أنَّ الكائِنَ غَيْرُ ما ادَّعَوْهُ فَصَرَّحَ بِهِ في قَوْلِهِ: ﴿بَلى﴾ أيْ لَتَمَسَّنَّكم عَلى خِلافِ ما زَعَمْتُمُوهُ، فَإنَّ بَلى كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلى تَقْرِيرٍ يُفْهَمُ مِن إضْرابٍ عَنْ نَفْيٍ كَأنَّها بَلْ وُصِلَتْ بِها الألِفُ إثْباتًا لِما أُضْرِبُ (p-٤٩٧)عَنْ نَفْيِهِ - قالَهُ الحَرالِّيُّ. ونَعَمْ جَوابٌ لِكَلامٍ لا جَحَدَ فِيهِ. ولَمّا أضْرَبَ سُبْحانَهُ عَمّا قالُوهُ مِنَ القَضاءِ في الأعْيانِ قاضِيًا عَلَيْهِمْ بِالخُسْرانِ عَلَّلَ ذَلِكَ بِوَصْفٍ هم بِهِ مُتَلَبِّسُونَ مُعْلِمًا بِأنَّ مِن حَقِّ الجاهِلِ بِالغَيْبِ الحُكْمَ عَلى الأوْصافِ الَّتِي ناطَ عَلّامُ الغُيُوبِ بِها الأحْكامَ فَقالَ: ﴿مَن كَسَبَ سَيِّئَةً﴾ أيْ عَمَلًا مِن حَقِّهِ أنْ يَسُوءَ ﴿وأحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ﴾ بِحَيْثُ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِن أحْوالِهِ خارِجًا عَنِ الخَطِيئَةِ بَلْ كانَتْ غامِرَةً لِكُلِّ ما سِواها مِن أعْمالِهِ، ولا يَكُونُ ذَلِكَ إلّا لِلْكُفْرِ الهادِمِ لِأساسِ الأعْمالِ الَّذِي لا يَتَأتّى بَقاءُ الأعْمالِ بِدُونِهِ. ولَمّا كانَ إفْرادُ الضَّمِيرِ أنَصَّ عَلى جَزاءِ كُلِّ فَرْدٍ والحُكْمُ بِالنَّكالِ عَلى الكُلِّ أنْكَأ وأرْوَعَ وأقْبَحَ وأفْظَعَ وأدَلَّ عَلى القُدْرَةِ أفْرَدَ ثُمَّ جَمَعَ فَقالَ آتِيًا بِالفاءِ دَلِيلًا أنَّ أعْمالَهم سَبَبُ دُخُولِهِمُ النّارَ: ﴿فَأُولَئِكَ﴾ أيِ البُعَداءُ البُغَضاءُ ﴿أصْحابُ النّارِ هُمْ﴾ خاصَّةً ﴿فِيها خالِدُونَ﴾ (p-٤٩٨)ولَمّا بانَ بِهَذا ما لَهم ولِكُلِّ مَن شارَكَهم في هَذا الوَصْفِ عَطَفَ عَلَيْهِ ما لِمَنِ ادَّعَوْا أنَّهم يَخْلُفُونَهم في النّارِ ولِكُلِّ مَن شارَكَهم في وصْفِهِمُ الَّذِي اسْتَحَقُّوا بِهِ ذَلِكَ فَقالَ: ﴿والَّذِينَ آمَنُوا﴾ أيْ أقَرُّوا بِالوَحْدانِيَّةِ بِألْسِنَتِهِمْ ﴿وعَمِلُوا الصّالِحاتِ﴾ بَيانًا لِأنَّ قُلُوبَهم مُطَمْئِنَةٌ بِذَلِكَ ﴿أُولَئِكَ﴾ العالُو المَراتِبِ الشَّرِيفُو المَناقِبِ، ولَمْ يَأْتِ بِالفاءِ دَلالَةً عَلى أنَّ سَبَبَ سَعادَتِهِمْ إنَّما هو الرَّحْمَةُ ﴿أصْحابُ الجَنَّةِ﴾ لا غَيْرُهم ﴿هُمْ﴾ أيْ خاصَّةً ﴿فِيها خالِدُونَ﴾
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب