الباحث القرآني

﴿فَقُلْنا﴾ أيْ بِما لَنا مِنَ العَظَمَةِ ﴿اضْرِبُوهُ﴾ (p-٤٧٧)وأضْمَرَ ذِكْرَ البَقَرَةِ ولَمْ يُظْهِرْ دَلالَةً عَلى اتِّحادِ هَذا الشِّقِّ الأوَّلِ مِنَ القِصَّةِ الَّذِي جُعِلَ ثانِيًا بِالشِّقِّ الَّذِي قَبْلَهُ في أنَّهُما قِصَّةٌ واحِدَةٌ فَقالَ ﴿بِبَعْضِها﴾ قالَ الإمامُ أبُو عَلِيٍّ الفارِسِيُّ في كِتابِ الحُجَّةِ: قُلْنا اضْرِبُوا المَقْتُولَ بِبَعْضِ البَقَرَةِ فَضَرَبُوهُ بِهِ فَحَيِيَ، يَعْنِي والدَّلِيلُ عَلى هَذا المَحْذُوفِ قَوْلُهُ ﴿كَذَلِكَ﴾ أيْ مِثْلَ هَذا الإحْياءِ العَظِيمِ عَلى هَذِهِ الهَيْئَةِ الغَرِيبَةِ ﴿يُحْيِي اللَّهُ﴾ أيِ الَّذِي لَهُ صِفاتُ الكَمالِ ﴿المَوْتى﴾ مَثَلَ هَذا الإحْياءِ الَّذِي عُويِنَ وشُوهِدَ. انْتَهى. رُوِيَ أنَّهم لَمّا ضَرَبُوهُ قامَ وقالَ: قَتَلَنِي فُلانٌ وفُلانٌ لِابْنَيْ عَمِّهِ ثُمَّ سَقَطَ مَيِّتًا فَأُخِذا وقُتِلا ولَمْ يُوَرَّثْ قاتِلٌ بَعْدَ ذَلِكَ؛ وهَذِهِ الخارِقَةُ كَما أخْبَرَ نَبِيَّنا ﷺ ذِراعُ الشّاةِ المَسْمُومَةِ بِأنَّهُ مَسْمُومٌ لَمّا سَمَّتْهُ اليَهُودِيَّةُ الَّتِي كانَتْ في قَوْمِها هَذِهِ الآيَةُ، وجُعِلَ هَذا التَّنْبِيهُ عَلى البَعْثِ في قِصَصِهِمْ، لِأنَّهُ مِن أعْظَمِ الأدِلَّةِ عَلَيْهِ، وقَدْ وقَعَ مِنهم ما ساغَ مَعَهُ عَدُّهم مُنْكِرِينَ وهو قَوْلُهم لِلْمُشْرِكِينَ: دِينُكم خَيْرٌ مِن دِينِ مُحَمَّدٍ، أوْ أنَّ هَذا تَنْبِيهٌ مَقْصُودٌ بِهِ حَثُّ العَرَبِ عَلى سُؤالِ مَنِ (p-٤٧٨)اسْتَنْصَحُوهم في السُّؤالِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ لِكَوْنِهِمْ أهْلَ العِلْمِ الأوَّلِ، فَهو مُلْزِمٌ لَهم بِاعْتِقادِ البَعْثِ أوِ اعْتِقادِ كَذِبِ اليَهُودِ، وعَبَّرَ بِالِاسْمِ العَلَمِ لِأنَّ الإحْياءَ مِن أخَصِّ الآياتِ بِصِفَةِ الإلَهِيَّةِ كَما أنَّ الإرْزاقَ أخَصُّ الآياتِ بِالرُّبُوبِيَّةِ ﴿ويُرِيكم آياتِهِ﴾ فِيما يَشْهَدُ بِصِحَّتِهِ ﴿لَعَلَّكم تَعْقِلُونَ﴾ أيْ لِتَكُونُوا بِرُؤْيَةِ تِلْكَ الآياتِ الشّاهِدَةِ لَهُ عَلى رَجاءٍ مِن أنْ يَحْصُلَ لَكم عَقْلٌ فَيُرْشِدُكم إلى اعْتِقادِ البَعْثِ وغَيْرِهِ مِمّا تُخْبِرُ بِهِ الرُّسُلُ عَنِ اللَّهِ تَعالى.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب